0
كتب حسين زلغوط - تخوض الحكومة «السلامية» امتحانها الأول في مواجهة البرلمان لنيل الثقة التي تشكل بالنسبة اليها جسر عبور للإنطلاق في رحلة خوض غمار الاستحقاقات السياسية والامنية والاجتماعية والاقتصادية التي ورثت البعض منها من الحكومة السابقة.

وإذا كانت هذه المواجهة معروفة النتائج سلفاً لصالح الحكومة التي ستخرج حاصدة ثقة عالية تجعلها مكتملة الأوصاف، فإن ذلك لا يعني أن طريق الحكومة باتت مزروعة بالورود والرياحين، حيث أن ما ينتظر الحكومة من ملفات قفزة فوق قاعدة التوافق والتفاهم المعهودة في الحالات السياسية العادية يظهر بأن هذه الطريق ستكون وعرة ومليئة بالأشواك خصوصاً وان الانقسام السياسي الموجود من غير المأمول له أن يتلاشى او يخسر وهو ما من شأنه ان يرخي بظلال من التوتر على العمل الحكومي بمختلف مندرجاته.
 
ومما لا شك فيه ان المستفيد الثاني من بعد الحكومة من هذه الجلسة سيكون بعض النواب الذين سيستغلون النقل المباشر لوقائع الجلسة ليتحدثوا بكل شيء الا في بنود البيان الوزاري، ولمحاكاة القاعدة الشعبية التي فقدوا التواصل معها منذ مدة حيث ينشغل الكثير من النواب بالمماحكات والنكد السياسي على حساب الانصراف لمتابعة شؤون وشجون ناخبيهم.
 
غير ان نجم الجلسة ستكون الازمة السورية وانخراط «حزب الله» في هذه الحرب، اذ من المتوقع ان يكون هذه الموضوع مادة ملتهبة قياساً للإنقسام الكبير الموجود بين الكتل النيابية حياله، مما سيضفي على وقائع الجلسة حماوة بعض الشيء نشط الرئيس نبيه بري وكذلك رئيس الحكومة منذ الامس في العمل على تداركها وجعل الجلسة مضبوطة الايقاع منعا لانفلات الامور من عقالها وتصبح هذه الجلسة مسرحاً للمزايدات والتراشق الكلامي الذي يصب الزيت على النار.
 
وفي رأي مصادر سياسية مطلعة ان الجلسة العامة التي هي الاولى منذ التمديد للمجلس في العام المنصرم ستكون مناسبة لجلوس القوى السياسية تحت قبة البرلمان وجنباً الى جنب بعد غياب هذا المشهد لشهور عدة وهذا من شأنه ان يعيد التواصل ومد الجسور بغض النظر عن الخطاب عالي النبرة التي ستشهده خلال مسار النقاش، دون ان يعني ذلك تبدداً جوهرياً في المناخات السياسية الملبدة بفعل الانقسام الحاصل حول الكثير من الاستحقاقات والملفات الداخلية والاقليمية.
 
وتعرب هذه المصادر عن اعتقادها ان سقف المداخلات سيكون مضبوطاً منعاً لاحتدام المواقف وبالتالي زيادة الشرخ الموجود اصلاً وذلك من باب محاولة الوصول الى أرضية ملائمة لانطلاق الحوار مجدداً، ومن ثم تحضير الظرف المناسب لاجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها في حال كانت المواقف الداخلية والاقليمية والدولية بهذا الخصوص بعيدة عن المناورات وجس النبض ونصب الافخاخ.
 
وترى المصادر ان الاستحقاق الامني يشكل للحكومة هاجساً حقيقياً في ظل المستجدات الدراماتيكية التي تحصل على مستوى الازمة السورية وارتدادات ذلك على الواقع اللبناني، وهو ما يتطلب انكباب الحكومة على وضع خارطة طريق لمواجهة الموجات الإرهابية التي تضرب لبنان بين الحين والآخر والتي تبعث على الخوف من أن يؤدي تفاقمها الى ازدياد الشرخ الموجود بين اللبنانيين، حيث أن ما يجري على الحدود الشمالية وبين بعض القرى البقاعية يشكل نموذجاً حيّاً عن هذه المخاوف، سيّما وأن هناك جهات خارجية مستفيدة من هذا الواقع في سبيل إبقاء لبنان في دائرة التوتر.
 
وتلفت المصادر الانتباه الى الزيارات التي قام بها قائد الجيش العماد جان قهوجي على المسؤولين في الساعات الماضية، معتبرة أنها تصب في خانة السعي للقيام باجراءات رادعة تمنع عن لبنان الانزلاق في اتون التوترات الأمنية التي تشكل أحداث طرابلس نموذجاً بسيطاً عما يمكن أن يحصل في الكثير من المناطق في ما لو بقيت الأوضاع من دون ضوابط عملانية وجدية، وفي حال لم يتم احتواء مفاعيل الأزمة السورية التي بدأت ترخي بظلها المخيف على الواقع اللبناني إن على مستوى تدفق المسلحين بعد معركة يبرود أو استمرار مسلسل السيارات المفخخة، ناهيك عن الارتفاع المضطرد في أعداد النازحين السوريين الذين يشكلون قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي وقت ما لم تعالج هذه القضية عن طريق وضع خطة عملانية وإنسانية تمنع على هؤلاء النازحين الذهاب في اتجاهات لا تصب في مصلحة لبنان على الاطلاق.
 
وإذ تجد المصادر السياسية في الحوار تجربة غير مجدية على المستوى العملاني حيث بقيت كل قرارات طاولة الحوار حبراً على ورق ولم ينفذ منها شيء، إلا أنها ترى أن عودة الأقطاب السياسيين الى طاولة الحوار نهاية هذا الشهر يعدّ بحد ذاته إنجازاً كون أن مثل هذا المشهد كان منذ مدة ليست طويلة يبدو مستحيلاً قياساً للاحتقان السياسي الموجود.
 
وترى المصادر أن التئام طاولة الحوار مجدداً ستكون مناسبة لتقطيع الوقت الذي يفصلنا عن الموعد الدستوري للاستحقاق الرئاسي حيث في حال وافقت كل الأطراف على تلبية الدعوة والتزم الجميع بجدول الأعمال، سيؤدي ذلك الى نوع من تنفيس الاحتقان الذي يساعد على تهيئة الظروف الملائمة لتمكين الحكومة من مقاربة ما يواجهها من ملفات واستحقاقات، كما أن هذا الأمر ينسحب على التحضيرات التي ستنطلق لولوج الانتخابات الرئاسية في موعدها.
 
وتخلص المصادر الى التأكيد بأن كل الاستحقاقات تبقى معلقة على حبل الوضع الامني المتقلب على الصفيح الساخن.


اللواء 19\3\2014

إرسال تعليق

 
Top