0
وادي خالد محاصَرة بنيران النظام السوري.. والدولة مطلب الأهالي

كتبت فاطمة حوحو - يحاول النظام السوري «تنظيف» حدود «الدولة العلوية» وفتح الطريق أمام قواته باتجاه الساحل، مدعوماً بقوات «حزب الله». فما يجري في الداخل السوري، يتوسع ليشمل لبنان، إذ إن هذا النظام الذي لا يقيم أي اعتبار أو وزن لشعبه لن يحترم حدود جيرانه وسيادة البلد المجاور، ولن يمتنع عن المضي بجرائمه ضد عشرات العائلات الهاربة من جحيم النار الذي ما ان ينطفئ في جبهة حتى يشتعل في أخرى، ويخالف كل القوانين الدولية بلجوئه الى ملاحقة هؤلاء في لبنان والتعدي على أرضه وقصف قراه وإحراق منازل الآمنين اللبنانيين والاغارة داخل أراضيه.

أما الحل فواضح وضوح الشمس، وهو انتشار الجيش اللبناني على الحدود لحماية اللبنانيين من الاعتداءات «البشّارية»، والدفاع عن البشر والحجر، وعدم ترك الأمور على غاربها، فضبط الحدود مطلب الأهالي في عرسال وفي وادي خالد وفي كل القرى الحدودية التي تعيش اليوم هاجس العدوان السوري على أراضيها وهي خائفة ويحق لها ذلك من تطورات الأيام الآتية، إذا لم يكن هناك خطة جدية من قبل الحكومة الحالية تعتمدها وتنفذها على الفور تهدف الى حماية الحدود عبر نشر الجيش والقوات الدولية «اليونيفيل» عملاً بالقرار 1701، وهذا لا يعني على الاطلاق منع النازحين من العبور الى الأماكن الآمنة هرباً من آلة القتل للنظام المجرم، بل المباشرة في تطبيق خطة واضحة لاستيعابهم في مخيمات على الحدود طالما أن الأعداد الى ازدياد في عرسال كما في القرى العكارية.

صحيح أن الجيش السوري اليوم ليس بمقدوره القيام باجتياح عسكري للمناطق اللبنانية، فهو حتى لا يستطيع السيطرة على مناطق سورية محررة من قبل المعارضة، والنظام لا يستطيع تحمل إدانة جديدة له بجريمة أخرى يرتبكها في لبنان من قبل المجتمع الدولي ويسبب إحراجاً لحلفائه، ولكن يبدو أنه قادر على القيام بعمليات محدودة، إلا أن ما يحدّ من مخاطر هذه العمليات هو التصدي لتجاوزات جيش النظام السوري من قبل الجيش ورفض تحرشاته وإعلاء الصرخة اللبنانية في أروقة الأمم المتحدة.

«المستقبل» استوضحت من منسق «تيار المستقبل» في عكار سامر حدارة تأثيرات انتقال المواجهات من حدود لبنان الشرقية الى الحدود الشمالية، إذ أشار الى أنه منذ بداية الأزمة السورية تشهد المنطقة المحاذية للحدود الشمالية بدءاً من العريضة الى وادي خالد تجاوزات من قبل النظام السوري تارة بإطلاق النار والقذائف، ولكن كانت تجري بشكل متقطع، ولكن منذ حوالى الشهرين بدأت هذه الاعتداءات تتصاعد يومياً، حيث تجري تجاوزات في القرى المحيطة من بلدة عمار البيكات الى وادي خالد حيث عمليات القصف متقطعة، وهذا ما تسبّب بحالة قلق وخوف عند الأهالي، كما تسبّب بشعور من الغبن، إذ إنهم طالبوا منذ زمن بدخول الدولة الى هذه المناطق وبسط سلطتها عبر انتشار الجيش، وكان الرد يأتي «ما في شي» ورغم سقوط ضحايا وخسائر. 

ولكن اليوم النظام غيّر طريقة تعاطيه، إذ كان هناك قصف مركّز وعاشت هذه القرى حالة حرب حقيقية، فهناك دولة تهجم على دولة أخرى، وبدأ القصف يطال المنازل ما أدى الى سقوط قتلى وجرحى وامتلأت المستشفيات بأعداد كبيرة منهم حتى ان وحدات الدم فقدت منها واضطررنا الى القيام بحملات تبرع عاجلة».

وعن نزول الناس الى الشارع وظاهرة وقطع الطرق، اوضح «نحن لا نملك السلاح للدفاع عن انفسنا ولكن لا يمكن لنا ان نكمل بالطريقة ذاتها، انها اسلوب للتعبير عن الغبن، صحيح قطعنا الطرق على بعضنا البعض ولكن لم يكن لدينا من وسيلة اخرى للتعبير، لقد كان ذلك محاولة للتنفيس عن الاحتقان الموجود منذ 3 سنوات. 

ولا يمكن لنا لوم الناس اذا ذهبت في هذا المنحى الوحيد الذي وجدته أمامها، لا يمكن لومها، اليوم رأينا النتيجة التي كانت اسبابها معروفة منذ زمن، لان الناس لم تشعر بموقف جدي من مؤسسات الدولة، من مسألة تأمين حمايتها من الاعتداءات، كما ان سياسة غض النظر لم تعد تنفع، وهناك خوف من ولادة حالات متطرفة وعصابات تذهب نحو الامن الذاتي، ولذلك لا بد من قرارات واضحة من الدولة. اهل وادي خالد اليوم تصرفوا بعقلانية، استغاثوا بالدولة برسائل الـ(S.M.S) وناشدوا الجيش اللبناني الانتشار، ولكن اذا لم يجر تلبية النداء ماذا سيكون الموقف؟.

وحذر حدارة من «فخ منصوب لعكار، بمعنى ان عكار التي تطالب بالدولة والدولة لا تلبي كمن يقول لها، كوني انت الدولة، فعكار بطابعها المذهبي وانتمائها الوطني العام قد تكون الحلقة رقم 2 بعد عرسال للايقاع بها».

وعن مدى دقة المعلومات التي روجها اعلام «الممانعة» عن دخول 200 مسلح الى وادي خالد اكد «هناك تهويل بالارقام، ولكن لنسلم جدلاً بأنه بعد سقوط قلعة الحصن، هرب ثلاثون مقاتلا على سبيل المثال لا الجزم الى لبنان، فهل يحق للدولة السورية قصف وادي خالد وقتلهم، على الدولة اللبنانية اذا حصل الامر القاء القبض عليهم، وهذا الامر لا يحل بالسماح للجيش السوري بقصف القرى اللبنانية بصواريخ جو ارض «.

أما عن الاجراءات التي اتخذها الجيش اللبناني نتيجة التطورات فقال: «نحن نحب الجيش ونحترم المؤسسة العسكرية ولكن حسب شهود عيان كان الجيش يقوم بخط دفاع فهو بذلك منع عبور الجرحى والنازحين الذين بلغ عددهم نحو مئتي نازح لم يوفرهم الجيش السوري في قصفه لهم وهم يهربون من المعارك، وقد فاجأهم قصف النظام داخل الاراضي اللبنانية مما ادى الى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى معظمهم من الاطفال والنساء، وهو لم يفتح لهم الممرات الا بعد اتصالات واسعة جرت من اجل فتح الطرق، ووقع النازحون بين نيران النظام السوري وحواجز الجيش اللبناني».

ويلفت الى التحذير الذي وجهته قوى 14 آذار من أن تأثيرات الثورة السورية ستصل الى لبنان، وقد امتدت الى الداخل وقضية النازحين السوريين ليست لعبة، فالنازحون هم بركان سيصدرون حمماً. اليوم النازحون السوريون اصبحوا عبئاً في المنطقة، وكان لا بد من اللحظة الاولى لاندلاع الازمة السورية ان تقوم الدولة بحماية حدودها، تحدث النائب سامي الجميل في البرلمان قائلاً: لو نشرت 200 عسكري على حدود كل كلم عسكري ومعه منظار وجهاز وتواصل مع غرفة طوارئ عسكرية وابلغ انه في هذه المنطقة المعينة هناك خرق للسيادة، فلتأت فرقة من اربع فرق مجهزة لضبط الحدود لمكافحة هذا الموضوع، مطلبنا اليوم في عكار هو الدولة ونحن لن نذهب الى الميليشيات والتطرف. واذا لم يكن باستطاعتها فلترفع الصوت في الامم المتحدة والمنتديات الدولية والعربية من أجل تنفيذ القرار 1701 الذي نص على حماية الحدود في وجه انتهاكات دول الجوار والقوات الدولية موجودة ويمكن الاستعانة بها».

وبتقديره ان «الجيش السوري غير قادر على بسط سلطته على اراضيه، وهو يستعين بـ«حزب الله» والقوات العراقية وغيرها من المرتزقة، هو ضعيف اليوم ولم يبق عنده سوى عدد قليل من الفرق العسكرية تتحرك من منطقة الى اخرى وبالتالي من الصعب عليه القيام بحرب توسعية نحو لبنان، بل هو يحاول عمل جسر بدءاً من تلكلخ من اجل خلق ممرات آمنة على طول الحدود والتي يضمن من خلالها عدم سيطرة المعارضة عليها وكان لديه مسودة فكرة انه في اطار ايجاد حل في سوريا يمكن ان يتجه نحو اعلان دولة علوية، وحاول القيام بتنظيف محيط هذه الدولة، لكن الاسد يعرف الآن انه من غير الوارد اقامة دولة علوية في المنطقة، ولكن وهو يجهز لهذا الخيار حاول حماية ظهره، إلا أن تقسيم سوريا غير وارد».

ويختم حدارة بالقول: «طالما ان الاسد يحاول تنظيف القرى المحاذية للحدود من المعارضة فإننا سنشهد في لبنان تطورات امنية خطيرة، وهو من اجل ذلك يستخدم حليفه «حزب الله» كما يحصل في عرسال ليؤمن له الحدود من الناحية اللبنانية، واي قرية لبنانية اليوم غير مؤيدة لنظام بشار و«حزب الله» مهددة بأن تصير مثل يبرود او القصير او اي قرية حصلت فيها مجازر في الجانب السوري من اجل تغطية ظهره. 

وبالتالي سنشهد مشكلات فعلية وسنواجه خطة ممنهجة، وقرانا ستكون معرضة للخطر، في عرسال وفي وادي خالد وغداً في المناطق المواجهة للقرى التي يريد اعادة السيطرة عليها ولا خيار لنا الا الدولة التي عليها ان تعي هذه الامور وكذلك وعي المخطط السوري الكبير، والذي لا بد من مواجهته بقرار حماية الحدود، وبخطة من قبل رئيسَي الجمهورية والحكومة نتوجه بها الى المجتمع الدولي لان الايام المقبلة ستكون صعبة جداً».

المستقبل 21\3\2014

إرسال تعليق

 
Top