لن تتمكن القمة العربية التي تبدأ اليوم في الكويت، من إزالة غمامة واحدة من الفضاء العربي المكفهرّ، لكن من المؤكد ان "السماء العربية" لن تسقط على الرؤوس كما حصل بعد اتفاقي كمب ديفيد، عندما تعطّلت دوريّة القمم وتهجّرت الجامعة العربية الى تونس على قرع طبول "جبهة الصمود والتصدي"، التي لم تصمد او تتصدَّ إلا للمواطن التاعس سواء في عراق صدّام او في سوريا بشار او في ليبيا معمر!
صحيح ان الكويت كانت دائماً وستبقى واحة مصالحات وصانعة وئام ومهندسة تفاهمات بين "الاشقاء العرب"، وصحيح ان اميرها الشيخ صباح هو عميد الديبلوماسية واللياقة وحاضن المؤتمرات، التي شهدت مصالحات وتفاهمات على ما جرى في القمة الاقتصادية عام ٢٠٠٩، التي جمعت حسني مبارك مع الشيخ حمد بن خليفة، وخادم الحرمين الشريفين مع بشار الاسد، بعدما دعا العاهل السعودي الى تجاوز الخلافات وفتح صفحة جديدة بين الاشقاء العرب، ولكن القمة التي تستضيفها الكويت اليوم لن تجترح المعجزات او تكون عطّارة ما افسد الدهر العربي.
على الطريقة اللبنانية التي تقول لو لم يكن لبنان موجوداً لوجب ايجاده، ثمة من يقول في كواليس القمة الآن، لو لم تكن الكويت موجودة لوجب ايجادها، اذ من الواضح ان علاقات الود التي تربطها بالجميع ساعدتها ليس على انقاذ مؤتمر القمة فحسب بل مؤسسة القمة، التي كان يمكن ان تتعطل كما حصل في السابق، وخصوصاً مع وجود هذا الركام الهائل من الخلافات العربية!
منذ القمة العربية الاولى التي عقدت في انشاص كانت النكبة الفلسطينية محور القمم وجوهر التحديات التي تواجهها. الآن يمكن ان نجد طوفاناً من النكبات امام قمة الكويت، وفي مقدمها فلسطين التي لم تكن في النسيان كما هي عليه اليوم، ولا نبالغ اذا قلنا انها تواجه النكبة السورية فما يجري فيها نكبة كبيرة ومخيفة، وقد تمتد مفاعيلها الناكبة الى لبنان الذي لم ينهض بعد من جنون حروب الآخرين العبثية عليه وبأبنائه الأذكياء ويا لمرارة السخرية!
وما يحصل في العراق نكبة ايضاً لأن النفخ في رياح الفتنة السنّية - الشيعية البغيضة يمكن ان يحرق المنطقة كلها، فها هو نوري المالكي يرشق الرياض والدوحة بالاتهامات. ما يحصل في اليمن يؤسس لنكبة، فالحوثيون على ابواب صنعاء بدفع ايراني واضح، وما يحصل بين قطر وشقيقاتها الخليجيات يؤسس ايضاً لنكبة في بيت خليجي من خزف حسّاس، وما يحصل في ليبيا نكبة... وما لم يتم ضبط فوضى "الاخوان المسلمين" في مصر وإفشال المؤامرة الاميركية - الاسرائيلية لأخونة المنطقة فسنكون امام أمّ النكبات!
وأهمية الكويت انها شكلت جسراً منع انهيار القمة كمؤتمر وكمؤسسة، وهذه هندسة الشيخ صباح!
راجح الخوري - النهار 25\3\2014
إرسال تعليق