0
كتب حسين زلغوط - فشل الإتفاق على البيان الوزاري والعودة الى مجلس الوزراء يشكّلان سابقة منذ الإستقلال
67 بياناً وزارياً في 72 سنة بقيت في الأدراج.. وعمل الحكومات محكوم بالتسويات


يشكّل فشل اللجنة الوزارية المكلفة صياغة البيان الوزاري بعد 10 جلسات من النقاش والتمحيص في إعداد مسودة البيان تمهيداً لرفعها الى مجلس الوزراء ليقرّها بدوره وينزل الى مجلس النواب لنيل الثقة، سابقة لم تحصل منذ أن أخذ لبنان استقلاله حتى اليوم، حيث أنه وفي أحلك الظروف وأخطرها تقدّمت كل الحكومات المتعاقبة ببياناتها الوزارية قبل أن تنال ثقة البرلمان، وقد بلغ عديد هذه البيانات منذ 72 سنة 67 بياناً، ولم تكن هذه البيانات الوزارية على مرّ الحكومات هي من تحدّد مسار عمل أية حكومة، حتى أن غالبية هذه الحكومات إن لم نقل كلها كانت توضع بياناتها الوزارية في الدرج، فلا هي تلتزم بمضمونها، ولم يكن هناك من يراقب ما إذا كانت الحكومة قد التزمت بمضامين بيانها الوزاري الذي كان يصح فيه القول بأنه لزوم ما لا يلزم، حيث غالباً ما كانت ذات الطابع الشكلي غير الملزم كونه لا قوة دستورية أو قانونية له، ولذا فإن مندرجات البيانات الوزارية آنفة الذكر كان يتم تجاهلها فور نيل الحكومة الثقة وخروج أعضائها من تحت قبة البرلمان.
 

وما من أحد في لبنان يجهل أن أي بيان وزاري لأية حكومة كان يسبقه تسوية سياسية بين الأفرقاء تؤمّن له المرور الآمن الى مجلس النواب، ولطالما كنا نرى أن القوى السياسية كانت تراعي بعضها البعض في ما خص بنود البيان لا سيما في الشأن السياسي، وبما أن التسوية لم تكن متوفّرة، وبما أن المناخات الموجودة حالت دون مراعاة القوى السياسية لبعضها البعض حصل ما حصل وأعلنت اللجنة الوزارية عن فشلها في صوغ مسودة البيان وبالتالي قررت رفع الأمر الى مجلس الوزراء لكي يُبنى على الشيء مقتضاه.
ويؤكد مصدر وزاري أن مجلس الوزراء لن يدخل في نقاش حول مضمون البيان الوزاري بل هو سيستمع من رئيس الحكومة وأعضاء اللجنة على مجريات النقاش التي حصلت على مدى 23 يوماً في عشر جلسات، وسيترك الأمر الى رئيس الجمهورية في حال كانت لديه أي مقترحات من شأنها إنتشال البيان من المأزق ضمن المهلة الدستورية.
 

ويلفت المصدر النظر الى ان اتصالات ومشاورات على اعلى المستويات ستحصل من الآن وحتى يوم الاحد علّها تفلح في ابتداع صيغة توافقية تنهي الجدل القائم وتمكن الحكومة من المثول امام مجلس النواب لنيل الثقة.
 

وعن مصير الحكومة في حال لم تنل ثقة البرلمان يؤكد المصدر الوزاري بأن الحكومة ستصبح حكومة تصريف اعمال الى ان يتم تأليف حكومة جديدة، وهذا سيكون من سابع المستحيلات في ظل الانشطار السياسي الموجود، وهذا الامر سيكون له بالغ الاثر السلبي على الانتخابات الرئاسية التي ستصبح على كف المجهول، كون ان استحقاق انتخاب رئيس جديد للجمهورية يحتاج الى دور الحكومة الاساسي في توفير الظروف المناسبة لانجازه، وهذا ما ليس متوفراً في الوقت الراهن.
 

في موازاة ذلك ترى اوساط سياسية انه من العبث انتظار وصول لجنة صياغة البيان الوزاري الى خاتمة سعيدة، خصوصاً وأن كل القوى السياسية الممثلة في هذه اللجنة تدرك تماماً بأن المشكلة لا تكمن في مفردات البيان الوزاري بل هي متجذرة في السلوكيات السياسية لدى كل الافرقاء فالثقة معدومة بين فريقي 8 و14 آذار، اضف إلى ذلك العوامل الإقليمية والدولية ذات الارتباط الوثيق بأي استحقاق لبناني، فما دامت الثقة غير متوافرة وما دامت ظروف الحوار الإقليمي والدولي غير متوافرة أيضاً فاننا سنبقى ندور في حلقة مفرغة، فإذا كان تأليف الحكومة استغرق عشرة أشهر ونيف، فمن غير المستبعد ان تبقى الحكومة الحالية تصرف أعمال المدة ذاتها وربما تزيد كون ان التفاهم على تسمية رئيس جديد وتأليف حكومة جديدة هو أبعد من ابليس عن الجنة.
 

وتعرب هذه الأوساط عن مخاوفها من دخول لبنان مدار الفراغ القاتل في حال فشلت المساعي في غضون ما تبقى من مهلة دستورية من التفاهم على صيغة البيان الوزاري، وهي ترسم المشهد السياسي على الشكل التالي: إن تحول الحكومة «السلامية» الى حكومة تصريف اعمال كونها لم تنل الثقة، يعني ذلك اننا سنكون في طريق وعرة وشاقة في ما خص الانتخابات الرئاسية، وفي ضوء ذلك سيصبح متعذراً الوصول إلى إنتاج قانون جديد للانتخابات، وهذا بدوره يعني ان لا انتخابات نيابية في تشرين الثاني المقبل موعد نهاية العمر المحدد للمجلس الحالي.
 

وترى الأوساط أن وصول لبنان إلى هذا الدرك على مستوى الاستحقاقات لا سمح الله يعني حالة واحدة اننا دخلنا في النفق المظلم والضياع وبتنا كورقة في مهب رياح عاتية وهنا تكمن الواقعة الكبرى.
 

وإذا كانت هذه الأوساط ترسم صورة سوداء للواقع اللبناني في حال فشل الأفرقاء في التوصّل إلى اتفاق على البيان الوزاري، غير انها تُبقي الأبواب مفتوحة نصف فتحة على إمكانية حصول تطورات من شأنها أن تنأى بلبنان عن حالة اللاتوازن واللااستقرار التي تتهدده، وهذه التطورات غير مأمول لها ان تحصل في الداخل اللبناني، بل على المستوى الإقليمي والدولي، وهي تضرب مثلاً على ذلك إمكانية نجاح الاتصالات الجارية بعيداً عن الإعلام في اعادة مد الجسور الإيرانية - السعودية من خلال لقاء على مستوى القادة الكبار، كما أن الزيارة المرتقبة للرئيس الأميركي الى السعودية في الخامس عشر من الشهر الحالي ربما تكون لها مفاعيل إيجابية على مستوى المنطقة من الممكن أن يستفيد منها لبنان، ولا سيما ان البعض يقول ان الرئيس اوباما ربما يحاول ترطيب الاجواء الإيرانية - السعودية في اطار الانفتاح الأميركي على إيران بعد التفاهم الذي حصل حيال الملف النووي الايراني وإن كان لم يصل إلى خواتيمه بعد.


اللواء - 12-3-2014

إرسال تعليق

 
Top