0
كتب عماد مرمل - فيما تنشغل الطبقة السياسية بصراعاتها وخلافاتها التي تكاد لا تنتهي، تبقى حواس الجيش متيقظة ومستنفرة لملاحقة رموز الارهاب وشبكاته العابرة للحدود.. والمحرمات.
 

وقد جاءت الاتهامات والتهديدات التي وجهتها "جبهة النصرة" قبل أيام الى المؤسسة العسكرية بلغة مذهبية وتحريضية، لتؤشر الى حجم التحدي المفروض على الجيش الذي يخوض الجزء الأكبر من المواجهة بأسلحة استخباراتية "كاتمة للصوت"، بحيث أن ما يطفو على السطح هو رأس الجبل، ليس إلا.

وهاجس الارهاب "اقتحم" الاجتماع الامني الموسع الذي عقد في نهاية الاسبوع الماضي، بحضور وزيري الداخلية والدفاع وقائد الجيش وقادة الاجهزة الامنية. على أن اللافت للانتباه كانت مشاركة الوزير نهاد المشنوق في هذا اللقاء، إذ ان زيارة وزير الداخلية لوزارة الدفاع ليست مألوفة في العادة، وتكاد تكون نادرة.

وإذا كان قادة الأجهزة قد اعتادوا على عقد اجتماعات تنسيقية في ما بينهم، خصوصاً في الفترة الاخيرة، إلا ان "المياه كذّبت الغطاس" لمرات عدة، بعدما ظهر على "الأرض" في مناسبات عدة ان مستوى التعاون لم يبلغ المعدل المطلوب، وأن حساسيات معلنة حيناً ومضمرة حيناً آخر ظلت تتحكم بالعلاقة بين الاجهزة التي كثيراً ما يتحول تنافسها المشروع على تحقيق الإنجازات الى صراع على الادوار والأحجام.

لكن الاجتماع الاخير في وزارة الدفاع حاول، على ما يبدو، ان يؤسس لإرساء "تقاليد" جديدة في العلاقة بين الاجهزة، على قاعدة أن خطر الارهاب يتطلب نمطاً مختلفاً من التواصل، وأن تحسين شروط التصدي له يستوجب تفعيل التعاون المشترك وعدم احتكار أي جهة رسمية شرف المواجهة، وفق المنطق الذي استخدمه المشنوق في مخاطبة الحاضرين.

وأبلغ المشنوق قائد الجيش العماد جان قهوجي قناعته بضرورة تعميق التنسيق بين المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية في المعركة ضد الإرهاب، بحيث لا تظل هذه المعركة من اختصاص الجيش حصراً، كما هي الحال حتى الآن.

وشرح وزير الداخلية وجهة نظره، قائلاً: "دعونا نتكلم بصراحة.. هناك حساسية من قبل بعض الاوساط في البيئة السنية حيال الجيش، والبعض يحاول أن يوحي بوجود استهداف للسنة، وأنا أخالف هذا الرأي، بل أتصدى له، ولكن ذلك لا يكفي، وأفضل طريقة لحماية الجيش من هذا التصنيف هو أن يُشرك الأجهزة الاخرى معه في الحرب على الارهاب وان يوسّع دائرة التفاعل بينه وبينها، الأمر الذي من شأنه أن يعزز المناعة الامنية ويقطع الطريق على أي محاولة لتشويه صورة المؤسسة العسكرية او لوضعها في مواجهة جزء من البيئة السنية".

ونظر المشنوق الى قهوجي، مخاطباً إياه بالقول: "في العادة، قدر معين من السم مفيد للمناعة وتحصين الجسم، لكن إذا زاد عن حدّه يصبح مميتاً". واضاف: "يا جنرال وزّع هذا السم وتقاسمه مع الآخرين، بدل أن يتحمل الجيش وحده وزر المواجهة ضد الإرهاب وأعباءها، وفي ذلك حماية للمؤسسة العسكرية وحصانة لها".

ولاحقاً، طرح المشنوق على السفير الاميركي في بيروت ديفيد هيل ضرورة "توسيع الجبهة" وتفعيل دور الاجهزة الامنية في مكافحة الارهاب، الى جانب المؤسسة العسكرية، منطلقاً من أن واشنطن خفّضت نسبياً منسوب تعاونها مع فرع المعلومات في هذا المجال بعد اغتيال اللواء وسام الحسن، وراحت تعتمد بشكل اساسي على الجيش الذي قدمت له معلومات حاسمة ساعدته في القبض على رؤوس كبيرة.

وقد زار هيل في ما بعد رئيس فرع المعلومات العميد عماد عثمان الذي تلقى من وزير الداخلية تعليمات مباشرة بوجوب الانخراط في ملاحقة الشبكات الإرهابية وعدم الاكتفاء بالبقاء على ضفاف هذا الملف.

وبينما عُلم أن أجهزة حديثة ستًسلم لحواجز الجيش وقوى الأمن خلال شهر، من شأنها تفعيل القدرات على رصد السيارات المفخخة وضبطها، أبلغ المشنوق وفد "هيئة العلماء المسلمين" الذي التقاه قبل أيام أنه ثبت له تورط الموقوفين الشيخ عمر الأطرش وعبد الناصر شطح ببعض عمليات التفجير، وأن الجهات القضائية المختصة باتت تملك أدلة قاطعة وشفافة على هذا التورط.

السفير 11-3-2014

إرسال تعليق

 
Top