0
أساتذة لبنان يصارعون في سبيل نيل حقوقهم

محرز: باعث العلم والمعرفة ليس بخير


منذ حوالى السنتين وذكرى عيد المعلم يطلُّ على الأساتذة وأجسادهم مُنهكة في سبيل تحقيق رسالة ندروا أنفسهم لأجلها، دون أن ينالوا في المقابل حقاً من حقوقهم، بالرغم من أنهم يعيشون في بلد العلم والمعرفة، بلد يتغنّى بأدمغة شبابه، فإذا بمن يغذّي هذه الأدمغة بالعلوم يُرمى به على أبواب السياسي يستعطفه في سبيل الحصول على «حقه».
 
سنتان ولا يزال النضال مستمراً، والعيد يأتي ولسان حال الأساتذة «عيد بأية حال عدت يا عيد»، وحقوقنا الشرعية لا تزال تتأرجح بين حكومة وأخرى، فتارة تغدو مطاليبنا من أولويات مهماتها وتوضع على نار حامية، وتارة أخرى تعاد للأدراج باعتبار أن القضايا السياسية والأمنية أهم، وإزاء ذلك يثبت المعلم في كل حين أنه على قدر المسؤولية وبالرغم من وضعه المالي البائس يصارع في سبيل تأمين ساعات الدراسة كاملة لطلاب حرموا بسبب أوضاع أمنية «مزرية» من تلقي علومهم فإذا «بالمعلم» يقصد مدرسته حتى في أوقات راحته ليكمل رسالته والتي ندر نفسه لأجلها.
 
في كل الدول المتحضرة «للمعلم» مكانة خاصة، ومعاشات مرتفعة نظراً لما لهذه المهنة من أهمية قصوى في اعداد الأجيال، وبالطبع لا بد من تأمين «الراحة للمعلم» كي يمنحها لطلابه انطلاقاً من مقولة «فاقد الشيء لا يعطيه» إلا في بلدنا فان الحرمان الذي يطال كافة القطاعات يرخي بثقله على قطاع التعليم والذي يجاهد في سبيل اقرار سلسلة الرتب والرواتب والتي دائماً ما تصطدم بعراقيل جمّة ومن ثم ينتهي عهد الحكومة ليؤجّل اقرارها للعهد الجديد، وإزاء هذا الواقع المرير يعيش «الأستاذ» حياة صعبة يتصارعها كيفية القيام بدوره على أكمل وجه واعداد التلاميذ في سبيل مواجهة المستقبل وهو لا يدرك شيئاً عن مستقبله بالكاد يمكنه تأمين «متطلبات الحاضر له ولعائلته»، فإلى متى سيستمر النضال وبأي شكل من الأشكال ستتبلور المواجهة؟
 
في عيدهم يتحدثون عن معاناتهم، في عيدهم يروون نضالاتهم، في عيدهم يطلقون أمنياتهم فهل من آذان صاغية لتسمع نداءاتهم؟؟!!
 
محرز

* مقررة مكتب الشمال في رابطة التعليم الثانوي ملوك محرز قالت: يطل عيد المعلم هذا العام والمعلم باعث العلم والمعرفة ليس بخير بل ولبناننا كله يعاني من مشكلات عديدة تربوية واقتصادية واجتماعية... فحقا «عيد بأية حالة عدت يا عيد»!!
ماذا عساني أقول؟ فلو جمعت كل حروف الابجدية التي تبني عقول طلابنا وتنير دروبهم لن استطيع وصف ما عاناه المعلم خلال العامين الماضيين فهو الذي يخبر طلابه عن المساواة والانصاف لم ينصف، وهو الذي يؤكد لهم اننا بلد العدالة، يكتشف لاحقا انه لا عدالة بحقوقه التي اعتقدنا للحظات انها سبب الأزمة اللبنانية...
 
لا شك ان مسيرة التربية والتعليم في لبنان تتعرّض لأقسى امتحان لها في تاريخ هذا الوطن، فهواجس المعلمين ومطالبهم المحقة تم التعامل معها بطريقة التسويف والمماطلة وأقل ما يقال عنها أنها الطريقة التي لا تليق بمربي الأجيال وبناة العقول، لقد ترك المعلمون فريسة لأنياب العوز والحاجة بدل أن يكافئوا.
 
من الواضح ان من اهمل دورنا المهم فاته ان لا نهضة لوطن لا يقدّر مسؤولوه دور المعلم واحتياجاته،.. وهذا ما يدعونا للتساؤل أليس غريبا أن تصمّ الآذان عن آهات المعلمين وأن يكافأوا هكذا؟
 
أليس عارا أن يتحوّل المعلم إلى مشروع متسوّل يطرق باب المسؤولين، واضعا كرامته برسم البيع؟! إنها سخرية الأقدار، ولعنة التاريخ والجغرافيا، في وطن يئنّ تحت وطأة اللامبالاة والفوضى والاهمال.
 
هذا هو واقعنا في عيدنا، وهذه هي معاناتنا في كلمات لا تشبه أي كلمات.. ولكن مسيرة التغيير بدأت منذ عامين بإرادة صلبة ومستمرة وستستمر بجهود كل الزملاء بمختلف انتمائتهم السياسية والطائفية، الذين أثبتوا خلال حراكهم المشرّف وجودهم فنالوا إجماعا شعبيا ونقابيا أذهل الجميع، وما هذا إلا دليل على اصرارهم وثباتهم، فجهودهم الموحّدة أثمرت نجاحا يتلوه نجاح. ورغم الجولات الأمنية كانوا على تواصل مستمر مع طلابهم همّهم التعويض عليهم ولو على حساب راحتهم.. لانهم مؤمنون ان التعليم رسالة وليس مهنة.. في عيدكم يا صانعي العقول أقول:...!
 
تحية لكل معلمي لبنان الصامدين بهذه المهنة رغم كل متطلباتها ورغم اهمال أرباب الحكم لمطالبهم وصدق قول الشاعر: كـم زهرةٍ في الرّوض فاحَ أريجُهَا بـجـهـود جـنـانٍ يـكدّ طويلا.

جبري

* بدوره مقرر مكتب بيروت في رابطة التعليم الثانوي الرسمي مازن جبري قال: في هذا الزمن أضحى الأساتذة الثانويون يعيشون غربة الوطن في وطنهم, ووجع القلب في صحتهم, عندما وجدوا بأن شريعة الغاب هي الدستور والقانون والعرف.

أمام المآسي التي نعيش كل يوم, لا يسعنا إلا أن نعيش يومنا, وكأنه ممنوع علينا أن نفكر بالغد القادم سواء أكان هذا الغد سيأتي لإنتزاع روحنا, أم لسلب حقوقنا.

في العام الماضي كان المعلم في الشارع يوم عيده, وأعتبر عيد المعلم كأحد أيام الإضراب المفتوح الذي زاد عن الشهر.
مضى على معارك السلسلة ما يقارب السنتين, وكأن الأستاذ الثانوي يعيش في بلد لم تبلغ فيه نسب التضخم أكثر من 120% منذ العام 1996.

- أيُ بلد في العالم يقبل أساتذته أن تبقى أجورهم مجمّدة حوالى 17 سنة!!!

- أيُ عقل بشري يقتنع بأن في لبنان ومنذ العام 1996 لم ترتفع الأسعار!!!

- أيُ آدميّ يمكن أن يعيش بحد أدنى للاجور فاتورة المياه تبلغ نصفه!!!

- أيُ فكر إنسانيّ وتربوي يرضى بأن يكون الأستاذ الثانوي الرسمي بحالة سباق مع نفسه للتعليم في المدارس الخاصة وفي العاشر من كل شهر يبدأ بالإستدانة!!!

إن قيمة السلسلة تآكلت مع الزمن, فلو أعطيت اليوم, يجب إحتساب قيمة الفرق بين نسب التضخم منذ البدء بالتحضير للسلسلة ويومنا هذا.

وتابع: إننا ندعو اللجان النيابية المشتركة, للإجتماع دون تأخير وإيجاد حل فوري لمهزلة السلسلة مع الإحتفاظ بالفارق التاريخي للأستاذ الثانوي الذي أتى نتيجة زيادة ساعات العمل والذي بلغ 60%, عن طريق إعطاء 121% لجميع الفئات الوظيفية دون إستثناء, بغض النظر إذا منحت الحكومة الثقة أم لم تمنح, ويجعلون السلسلة سلفة إسوةً بغلاء المعيشة.
 
إبراهيم

من جهته مقرر مكتب الجنوب في رابطة التعليم الثانوي فؤاد إبراهيم قال: «قم للمعلم وفِّه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا».
 
قولا لطالما تردد على مسامعنا منذ بدء مسيرتنا المهنية ولكن في بلدنا لبنان إستثناء فهل فعلا يبجّل المعلم؟؟
 
هل يقدّر؟؟ وهل.. وهل...؟ الخ.. أسئلة كثيرة تراودنا في عيد المعلم وما من جواب يشفي قلوبنا ويريح عقولنا..
لبنان بلد العلم والمعرفة يأن معلميه وآهاتهم تملأ الساحات وما من مجيب، فمسلسل سلسلة الرتب والرواتب بدأ ولكنه لم ينته فأرباب الحكم ما زلوا ينسجون منه أجزاء وأجزاء...
 
ان الواقع الذي يعيش فيه معلمو القطاع الرسمي في لبنان مخجل، وهذا ما سيؤدي حتما الى تردّي واقع التعليم الرسمي بشكل عام.. ونخشى أن تكون المؤامرة تفريغ الفطاع التعليمي الرسمي من طاقاته خاصة بعد التعنت والإصرار من قبل الحكومة على هدر الحقوق المكتسبة للمعلمين لا سيما أساتذة التعليم الثانوي الرسمي وهضم الـ 60% التي عمرها تجاوز الخمسين عاما حينما تحركنا بمطالبنا منذ سنتين لم نكن نعلم اننا سنقع ضحية المماطلة والتسويف ولم نكن نعلم ان مصيرنا بيد من لا ينصفنا، ولكننا مربيين قبل أن نكون معلمين فلم نرضَ أن نتلاعب بمصير طلابنا ومستقبلهم وفضّلنا مرات ومرات أن نضحي لأجلهم ولا نضحي بهم..
 
ومع هذا لم ننصف مع ان إنصاف المعلم هو ضرورة وحاجة في كل بلد يعتبر فيه التعليم عنوان الدولة الحضارية، والا تفقد الدولة هيبتها التربوية أمام أبنائها وكل العالم...
 
في عيد المعلم لزملائي الذين ائتمنوني على حقوقهم أقول لكم مني كل التقدير والاحترام فبدون جهودكم لم نحقق أي انجاز وبدونه لن تصبح حقوقنا واقع..
 
لقد كنا وسنبقى حراس الوطن الحقيقيين، حراس حدوده الجغرافية بسواعدنا، وحراس على فكر ثروتنا البشرية التي نخشى عليها أن تنهار وتفنى وسيشهد التاريخ على كل ذرة قدّمتموها في مساركم المليء بالعطاء، وكونوا على ثقة ان الأجيال لن تنسى حسن ثماركم التي تعكس روعة تضحياتكم.. والدماء والحبر والعرق التي بذلتموها.

اللواء 13-3-2014

إرسال تعليق

 
Top