0
كتب لوسيان عون - في الظاهر، بيان وزاري، في العمق، ورقة تين سقطت، فكشفت مع سقوطها ما كان مستوراً، ولكن.. تبين ما لم يكن في الحسبان.
 
ارباك لافت..

وزراء كانوا محسوبين على أحزاب وجزءاً منها ، تنصلوا منها

آخرون اعتمدوا الازدواجية في المواقف "رجل في البور وأخرى في الفلاحة"..

في الداخل، على طاولة مجلس الوزراء، تساهل الى أبعد الحدود و"تنازلات بالجملة والمفرق"، أما في الخارج فتصلب وتشدد ومزايدات.

من هو في صلب 14 آذار ومن خارجها ؟

الاحرار؟ الكتائب؟ القوات اللبنانية؟ حتى المستقبل؟

"ابراء مستحيل" و "نشر غسيل" على شاشات التلفزة وعبر اثير الاذاعات مع تخوين السعودية ومهاجمة التطرف السني حتى لم يعد يبارح وسائل الاعلام الشتامين والـ"هجائين" المياومين الدائمين، هدفهم "بندر بن سلطان والحريري الاب والابن" مع استعراض جداول منظمة عن الهدر والسرقات والسوليدير.. ولم يسلم يوماً النائب جنبلاط من حملات "سرقة صندوق المهجرين"..

الى أن جاء التحوّل الكبير بسحر ساحر، "الايعاز لاخفاء منشورات العار"، ووقف الحملات فورأ، وفتح صفحة جديدة "ناعمة" مع "مزيد من المديح". 

توجه الى المملكة السعودية وآل الحريري، حتى كاد مشاهدو وسائل الاعلام التي كانت تضخ السباب "وراء العباب" وكأنها تحولت الى "تيلي لوميار" بفرعها الثاني تخصص مزيداً من الفقرات لاعطاء دروس في التوافق والانصهار في الليل والنهار والتعايش مع القوى الاخرى في الوطن ونبذ الاحقاد!! حتى كادت برامجها "تجف" مما كان يشكل مادة دسمة لاستقطاب المشاهدين والمستمعين يفرحون "الى حد الثمالة" على وقع بضعة "هجائين"، "مشتركين" يتناوبون على الشتم واطلاق الاحقاد والضغائن والقدح والذم والتشهير.

هل هو ضرب ذكاء لتفكيك قوى الرابع عشر من آذار؟ كما ولتفكيك أحزابها من الداخل وتفجير الصراعات بين مكوناتها وبين الاخ وأخيه؟

من يضحك على من؟

والى اي مدى يبقى "ما تحت الطاولة " تحتها، ولا يظهر على سطح البركان المشتعل؟

وهل أن التوافق معلق على شرط فوز أحد محدد برئاسة الجمهورية؟

بل هل ثمة من يضحك على حزبه ويمرّر الصفقات فيأتي الترياق في حينه؟

ولماذا التكتم على ما دار في اللقاءات وأي ثمن ينتظره المتنازل أو المتنازل له؟

وما هو مصير الاخلال بالتفاهمات في غمرة التحولات الكبرى والمفاجآت التي تاتي من خارج الحدود والمعلبة الجاهزة؟

لماذا لم يعلن "حزب الله" جهارة أن العماد ميشال عون مرشحه لرئاسة الجمهورية كما حصل في العام 2008؟

ما معنى التحفظ على بعض النقاط في البيان الوزاري؟
 
أليس "حق المواطن في مقاومة العدو" (كما وردت في البيان الوزاري) تعني اطلاق حرية الحركة لأي لبناني على أي بقعة من أرض الوطن لممارسة أعمال مقاومة مع ما يتطلبه المفهوم الغامض من التجول بالسلاح في أي من ارجاء الوطن واقتناء سيارة داكنة واقتناء الصواريخ والآليات العسكرية وتحصين جزر امنية واعتماد سرية المعلومات حتى تجاه الدولة وامتلاك هيكلية عسكرية متكاملة وشبكات اتصال وفروع تحقيق ميدانية ولجان متخصصة لمواكبة أعمال "المقاومة خارج نطاق منظومة الدولة"؟

الم يكن من تناقض بين فقرات البيان الوزاري نفسها اذ ورد فيه، "ان حكومتنا تشدد على وحدة الدولة وسلطتها ومرجعيتها الحصرية في كل القضايا المتصلة بالسياسة العامة للبلاد، بما يضمن الحفاظ على لبنان وحمايته وصون سيادته الوطنية كما تشدد الحكومة على التزامها مبادئ الدستور وأحكامه وقواعد النظام الديموقراطي والميثاق الوطني وتطبيق الطائف"، بينما أطلقت يد كل اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الإسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة، وكأن أعمال المقاومة لا صلة بينها وبين "القضايا المتصلة بالسياسة العامة " على النحو الوارد في البيان؟

كما أن التناقض فاضح بين نص وآخر من البيان عندما ورد "الحرص على تعزيز العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة والتعاون معها والتأكيد على الشراكة مع الاتحاد الأوروبي في إطار الاحترام المتبادل للسيادة الوطنية". 

كما انها ستسعى إلى إقامة أفضل الصلات مع هيئات الشرعية الدولية واحترام قراراتها والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 1701، للمساعدة على بسط السيادة اللبنانية على كامل أراضي البلاد، والتزام مواثيق الأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية، فيما تطلق يد المواطنين اللبنانيين في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي طالما هناك أراض لبنانية محتلة؟

كما هو فاضح بين اطلاق يد المقاومة وبين الاصرار على واجب الدولة لتحرير مزارع شبعا وكفرشوبا؟

كما أنه فاضح في تأييد مقرارات طاولة الحوار في بعبدا وبين اطلاق يد المقاومة وتأكيد حق "المواطنين اللبنانيين في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي _ ما يعني اطلاق يد كل لبناني أن يقاوم على مزاجه وتحديد وقت مقاومته وتحديد ساعة تنفيذ اي عمل مقاوم وبالشكل الذي يراه مناسباً"؟

كما أن توافق اللبنانيين في بعبدا سابقأً على حياد لبنان أيده البيان كما شدد على الالتزام بمبادئ الدستور وأحكامه وقواعد النظام الديموقراطي والميثاق الوطني وتطبيق الطائف والحرص على تعزيز العلاقات مع الدولة الشقيقة والصديقة.

لكنه أطلق يد عمليات المقاومة دون حصر قرارها ومرجعيتها أو ربطها بالدولة اللبنانية، وهذا ما اثنى عليه زعماء 8 آذار عبر اعلانهم النصر وهزيمة قوى 14 آذار وافشال ربط القرار المقاوم بقرار الدولة.

انها نقطة سجلت لمصلحة قوى الثامن من آذار التي تمكنت – وعلى غفلة – من نصب فخ لقوى 14 آذار دون معرفة كيفية تمرير هذه الثغرة الرئيسية والهامة التي شرعت من جديد في العام 2014 أعمال المقاومة وحرية حركتها وتمتعها باي تحرك أو نشاط أياً كان وفي أية بقعة جغرافية كان.

واي عذر لقوى 14 آذار يبقى مرفوضاً بعد تمرير كل ما أرادته قوى الثامن من آذار لجهة "شرعنة المقاومة" من جديد بالحالة التي تتمتع بها حاضرأً لان النص "نافذ على اصله" ولا يحتاج لاي تفسير أم تأويل.

يبقى أن من اختار البقاء خارج "الطبخة" برمتها كان الاكثر دهاء، وهو الذي استشعر رائحة التفخيخ والتكويع والخنوع وتمرير الصفقات ومنح النقاط المجانية للخصم السياسي، بعدما اضحت عبارة من هنا وأخرى من هناك تفجّر صراعات تصدّع مكاتب الاحزاب السياسية وتبعد بين الاخ وأخيه وتقلب الطاولات الواحدة تلو الاخرى.

منذ العام 2008 خسرت 8 آذار جولات عدة بعدما تلقفت كرة نار وزارية واستاثرت بادارة الازمة فكانت الحقائب الوزارية تحتوي متفجرات تشتعل وتشظي اصحابها، ولكم من قوى سياسية دفعت اثمان الفشل الحكومي، قبل أن يعلم اللاعبون هذا العام أن الحكمة تقضي باجادة لعب الاستدراج الى الفخ الكبير، فخ المناصب على كل المستويات، بدءاً باستدراج العروض الى كل من رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء والحقائب الوزارية فتتحوّل الى طعم يعلق اللاهثون الى شباكه، فيبدأ الصراع من الاسفل بين من يتهافتون على أكله، لينتهي بين الصيادين أنفسهم، فكيف ان كان الصيد هدفه كرسي رئاسة الجمهورية؟

في المحصلة، أحسن العماد عون هذه المرة الامساك بخيوط اللعبة، بدعوته الى المائدة كل من صوّب نحو المغانم والمحاصصات، فكان التهافت على اشده نحو حكومة "حلبة السيارات الكهربائية في مدينة الالعاب"، وقت قصير للقيادة، "ومطرحك يا واقف"، ولا يكاد يفرح السائق للتخلص من الآخر حتى تنتهي اللعبة ويذهب كل واحد أدراجه.

قد يكون ما حصل لعبة "صولد" ضرب فيها عصافير عديدة بحجر واحد.

وللتثبت مما وصلنا اليه في 14 آذار، لم يخجل البعض من البوح بأن موافقة 14 آذار على البيان الوزاري تم تأجيلها الى ما بعد حصول مهرجان ذكرى الرئيس الحريري، وكأن هذه الاخيرة أدركت أن أية موافقة قبله قد تنعكس سلباً على مصداقية هذا الفريق الذي تنازل أولاً عن تشدده في مراقبة الحدود وسحب "حزب الله" من سوريا ومن ثم على دخوله حكومة مع "حزب الله" ، وأخيراً عن التشبث بعدم ذكر الثلاثية الشهيرة، فيما بات يشيع على علناً أن ثمة صفقة تمت بموضوع الانتخابات الرئاسية بقيت حتى الساعة طي الكتمان قوامها مقايضة بين الرئاسات على أن تكون الادوات التنفيذية فيها نواب الكتائب والمستقبل.

لكن الثابت أن القرارات تأتي من الخارج معلبة معقمة وموضبة في الساعات الاخيرة لكل استحقاق.

والاكثر ثباتاً أنه لم يعد بعد التصديق على البيان الوزاري من 8 آذار أم 14 آذار بل مصالح أطاحت بشعارات مخملية سيادية وطنية للاستهلاك السياسي.

وتفاهمات في الغرف المظلمة على تقسيم مربعات سياسية تحكمها مرجعيات تستمد قوتها من قواعدها الشعبية في غياب المؤسسات الفاعلة الكفيلة بتسيير شؤونها وشجونها.

في اي حال، الحكومة أيامها معدودة، لكن ان لم يتم التمديد، فثلاثية من نوع آخر تنتظر اللبنانيين: رئاسات ثلاث سيتبؤها زعماء ثلاثة، وهذه بدورها محكومة بالتوازنات.

الاولى اما ستكون من حصة الثامن من آذار أو الرابع عشر منه أم شخصية توافقية أم التمديد.

فيما الاثنتين الباقيتين قد تكونا من حصتي القوتين السياسيتين الرئيسيتين.

انه حبس أنفاس حتى الخامس والعشرين من أيار المقبل، اللاعبون كثر، لكن حذاري من اللعب بالنار في منطقة تحولت الى جحيم وبركان مشتعل.

وان كان الرئيس ميشال سليمان يتلقف سهاماً لا تعد ولا تحصى، وهو بموقع الدفاع عن الرئاسة، فالخطر في أن يتحول الرئيس الجديد الى فريق في موقع الخصومة مع آخر لتصبح الرئاسة الاولى على قائمة الاهداف السياسية والعسكرية فيتم الاطاحة بها وهي حتى اليوم الى جانب بكركي، الحصن الاخير للمسيحيين في لبنان والشرق.

محامٍ وكاتب سياسي 

منبر "ليبانون تايم" 16\3\2014

إرسال تعليق

 
Top