كتبت دموع الاسمر - ليس في الافق ما يشير الى وضع حد للاقتتال العبثي المتواصل منذ تسعة ايام في طرابلس، حيث اصوات القذائف وازيز الرصاص هو السائد على الساحة الطرابلسية في غياب للنواب والتيارات السياسية والقيادات الاسلامية التي تخلت عن المدينة وتركتها تتصارع فيما بينها، مع رفض القيادات السياسية والتيارات الفاعلة التي ترجمت تصريحاتها الصحفية الداعمة للجيش الى حقيقة ميدانية.
بل كان اللافت ان سهام بعض السياسيين صوبت نحو الجيش والطعن بدوره الذي كان يتخذ منحى عمليا في وضع حد للفلتان وتعقبه للمطلوبين مع تنفيذ مداهمات لملاحقة المسلحين وهذا الدور الذي تابعه الجيش فيما لو ترك له الامر لكان توصل الى الامساك بكل المتسببين بافتعال هذه الاحداث. وهذا ما دفع ببعض السياسيين الى رفع وتيرة خطابهم السياسي لمهاجمة اجراءات الجيش والادعاء باستعماله الافراط في القوة، مما اثار علامات استفهام لدى شرائح واسعة من الطرابلسيين رأت ان وقف الاقتتال ومنع الفلتان الامني هل يكون بالتراضي؟ وهل الافراط باستعمال القوة مع الخارجين عن القانون يصبح مرفوضا لدى هؤلاء السياسيين؟ وكيف يمكن اعادة الامان والاطمئنان الى المدينة التي تشهد انهيارا اقتصاديا واجتماعيا مع تواصل الانهيار الامني فيها.
لم ينس الطرابلسيون بعد قضية «فتح الاسلام» وكيفية شن هجومها المريع على الجيش اللبناني في نهر البارد وما يحصل راهنا من استهداف للجيش حاليا في طرابلس يستعيد المشهد نفسه ولعلها الخلفية ذاتها خلفية التكفير المتواصلة للجيش الوطني الذي يضم في هيكليته من كل الطوائف والمذاهب ولم يكن حسب ما يحاول بعض السياسيين اتهامه بأنه منحاز لفئة دون اخرى.
تقول احدى الفاعليات الطرابلسية ان لاستهداف الجيش الممنهج حاليا اهدافاً متعددة اولها نسف صمام الامان الوحدوي الذي شكل حالة التفاف شعبية واسعة حوله، خاصة من معظم الشرائح الطرابلسية التي ارتفعت وتيرة النقمة عندها على مفتعلي هذه الاحداث المدمرة لنسيج طرابلس وفي الوقت عينه المدمرة لاقتصاد المدينة في سابقة لم تحصل في تاريخها. ثانيا، ان استهداقف الجيش هو للضغط عليه ودفعه لاخلاء طرابلس نهائيا تسهيلا لاحياء مشروعهم الاصولي الذي يراهنون عليه حتى الان. خاصة بعد سقوط يبرود وقلعة الحصن حيث من المنتظر وصول من تمكن من الفرار من العناصر التكفيرية التي تعرضت لغسيل دماغ منهجي، يكفرون الاخر، ولعل مدينة طرابلس ستكون ساحة انتقام ليبرود وقلعة الحصن. ووجود الجيش اللبناني في المدينة يشكل عقبة امام هذا المشروع.
وتقول مصادر طرابلسية انه في عقيدة التكفيريين ان كل من ينضوي في صفوف الجيش هو كافر، ولذلك نظمت حملة واسعة بين بعض المجموعات وصلت الى حد اعلان الجهاد ضد الجيش والخطر الاكبر بدأ يبرز في استعمال العبوات الناسفة، وحصلت عدة اعتداءات عليه في القبة وفي البوليفار مقابل غرفة التجارة والصناعة. عدا عن القاء قذائف وقنابل تجاه الدوريات ومراكز الجيش.
الطرابلسيون اليوم باتوا في وضع يرثى له فالمدينة تزداد شللا والنقمة لم تعد على السياسيين وحسب بل تشمل كل الاطراف المتقاتلة حتى ان احدهم اعتبر ان دولا اقليمية تلعب على الساحة الطرابلسية ولا يهمها دمرت طرابلس ام لم تدمر. بل لا يهمها هدر الدماء التي تسال على الساحة الطرابلسية والانكى من ذلك ان هذه الدول تجد لها ادوات بعد عملية افقار ممنهجة وتوسيع دائرة البطالة والتجويع لكي يقبل اي مسلح بالقروش وببندقية متطورة يفرح بها فيخوض معارك الاخرين على الساحة الطرابلسية وهي معارك يكاد يجمع الطرابلسيون انها عبثية لا افق لها، وان نتائجها المحسومة هي قتل الابرياء ودمار المدينة اجتماعيا واقتصاديا ووضع حد لدورها كعاصمة ثانية للبنان.
صباح اليوم ستقف كل مؤسسات المجتمع المدني والنقابات المهنية وقفة احتجاجية ودعوة الى وقف الاقتتال والحرب العبثية ووضع حد للمخلين والخارجين عن القانون.
الديار 22\3\2014
إرسال تعليق