كتب نجم الهاشم - لماذا الحملة على الرئيس ميشال سليمان؟ هل تستهدفه كشخص أم تستهدف موقع الرئاسة؟ هل المطلوب أن يكون هناك رئيس للجمهورية أم مجرد شخص مقيم في قصر بعبدا؟
وبالتالي هل المطلوب أن تكون رئاسة الجمهورية مجرد منصب مجردا من كل الصلاحيات الدستورية ومن كل المزايا الرئاسية؟ وهل الحملة رد بالخشب على كلام الذهب؟ أم هي فتح مبين للمعركة الرئاسية ومن أجل صورة الرئيس المقبل حتى تكون الرئاسة في خدمة “المقاومة” وليس رئاسة مقاوِمة؟
ليست مواقف رئيس الجمهورية من “المقاومة” و”حزب الله” جديدة. منذ تولى السلطة كان كلامه واضحا. قال في خطاب القسم في 25 أيار 2008: “إن التزامنا مواثيق الأمم المتحدة، واحترامنا لقراراتها، يعود لقناعتنا الراسخة بالشرعية الدولية المستمدة من مبادئ الحق والعدالة، وإذ نؤكد مساهمتنا في قيام المحكمة الدولية الخاصة، بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، وما تلا من اغتيالات، فذلك تبيان للحق، وإحقاق للعدالة.
إن نشوء المقاومة، كان حاجة في ظل تفكك الدولة، واستمرارها كان في التفاف الشعب حولها، وفي احتضان الدولة كياناً وجيشاً لها، ونجاحها في إخراج المحتل، يعود إلى بسالة رجالها، وعظمة شهدائها، إلا أن بقاء مزارع شبعا تحت الاحتلال، ومواصلة العدو الاسرائيلي لتهديداته وخروقاته للسيادة، يحتم علينا إستراتيجية دفاعية تحمي الوطن، متلازمة مع حوار هادئ، للاستفادة من طاقات المقاومة، خدمة لهذه الإستراتيجية. فلا تُستهلك انجازاتها في صراعات داخلية، ونحفظ بالتالي قيمها وموقعها الوطني. يتزامن هذا اليوم، مع الذكرى الوطنية، للتحرير والنصر، فلتكن حافزاً لنا، لمزيد من الوعي لما يتربص بنا، ولتجديد تمسكنا بالحرية والديمقراطية، التي ضحينا من أجلهما لنصون الوطن”.
لم يبدل الرئيس مواقفه. وما قاله في جامعة الكسليك عن المعادلات الخشبية لم يكن جديدا. ما قاله في خطاب القسم يتردد في “إعلان بعبدا” وكان بداية الطريق إلى هذا الإعلان. لقد أكد على تمسّك لبنان بالقرارات الدولية ومن ضمنها القرار 1559 الذي نص على سحب السلاح غير الشرعي والقرار 1595 الذي قضى بإنشاء لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الرئيس رفيق الحريري ثم القرار 1757 الذي أنشأ بموجبه وتحت الفصل السابع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. في ذلك الخطاب كانت إشارة الرئيس واضحة إلى أن المقاومة صارت تنتمي إلى مرحلة سابقة وأنها استهلكت إنجازاتها في صراعاتها الداخلية فكيف يكون الحال اليوم بعدما دخلت في صراعات الحرب السورية؟ الربط بين المحكمة الدولية والقرارات الدولية وبين الحديث عن استراتيجية تحمي الوطن كان إشارة كافية لما ينتظر العلاقة بين الرئيس و”حزب الله”. ولكن في خطاب القسم كان العهد في بدايته بينما هو اليوم قبل شهرين من انتهائه.
في خطاب عيد الجيش أول آب 2013 قال الرئيس كلاما واضحا عن خطورة تدخل “حزب الله” في سوريا وجاء الرد بعد ساعات صواريخ على القصر الجمهوري في بعبدا. ولكن الرئيس بقي متمسكا باستراتيجيته ولم يتردد أمام التهديد وبقي متمكسا بـ”إعلان بعبدا” بديلا عن استراتيجة “حزب الله”. ثمة صراع بين استراتيجيتين: استراتيجية الدولة الديمقراطية الحرة واستراتيجية السيطرة على الدولة والحرب في سوريا. وهذا الصراع ليس جديدا.
منذ نزل “حزب الله” إلى ساحة رياض الصلح في 8 آذار بخطاب “شكرا سوريا” كان يرسم طريق وحدة المصير مع النظام السوري. قتاله في سوريا إلى جانب النظام لم يبدأ في القصير وفي مقام السيدة زينب. لقد بدأ في رياض الصلح. معركة سقوط النظام في سوريا بدأت في بيروت واغتيال الرئيس رفيق الحريري كان من شراراتها وحل حزب “القوات اللبنانية” واعتقال الدكتور سمير جعجع كان بداية الطريق.
لولا 14 آذار 2005 في لبنان لما كان 15 آذار 2011 في سوريا. منذ العام 1990 كانت خطة النظام السوري واضحة: لا دولة في لبنان. لا جيش. فقط صورة دولة تابعة وجيش واحد هو جيش “حزب الله”. كان إميل لحود هو الخيار الأنسب في رئاسة الجمهورية. “الرئيس المقاوم” هذه هي الصفة المطلوبة. أتى ميشال سليمان وحاول كسر القاعدة وقلب المعادلة من أجل أن تكون رئاسة مقاومة لا رئاسة تابعة لـ”المقاومة” فقامت القيامة عليه في حروب وحملات متدرجة ستصل إلى 25 ايار من أجل إعادة تعيين إميل لحود آخر في قصر بعبدا. هذا هو عنوان المعركة، معركة الرئاسة وهنا يكمن سر الصراع بين الذهب والخشب.
كان المطلوب أكثر من ذلك من تكريس نظام الوصاية. كان المطلوب أن يكون الجيش اللبناني فصيلا تابعا للمقاومة. وبدل أن يذهب “حزب الله” للقتال في سوريا كانت استراتيجية “حزب الله” والوصاية تقتضي أن يذهب الجيش اللبناني لدعم الأسد في سوريا وطبعا في ظل قرار واضح تتخذه حكومة بمباركة رئيس جمهورية الوصاية.
هنا تكمن أهمية 14 آذار. تلك اللحظة التاريخية كسرت القاعدة وأسست لمرحلة جديدة فصلت بين “حزب المقاومة” و”دولة المقاومة”. وحرب “حزب الله” على 14 آذار تستهدف العودة إلى ما قبل ذلك اليوم وإلى ما قبل ذلك التاريخ ومن هنا يبدو تاريخ 25 أيار المقبل محطة أساسية في حرب العودة.
عبثا يقاتل “حزب الله” على جبهات كثيرة ليعيد عقارب الساعة إلى الوراء ويعيق حركة التاريخ. بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان أخذ على عاتقه مهمة أن يكون هو عهد الوصاية البديل. معركة 7 أيار 2008 كانت البداية. معركة إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري كانت أساسية. ومعركة تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي كانت مفصلية ولكن سفن الحزب كانت تسير بعكس حركة الرياح.
لم يضع الحزب في حساباته أن 14 آذار اللبناني سيكون 15 آذار في سوريا. كان يريد أن يسيطر على لبنان بينما يكرّس بشار الأسد سيطرته على سوريا. نظامان متشابهان في دولتين. فجأة وجد نفسه مضطرا للقتال في سوريا لمنع انهيار النظام هناك. أكثر من ذلك كان يعتقد أن السيطرة على الدولة والنظام والجيش والشعب والمؤسسات في لبنان سهلة ومتاحة وفي متناول يده ولكن ماذا حصل؟ صار مضطرا للدفاع عن الضاحية وعن بعلبك والهرمل والنبطية وبنت جبيل. ودخل في حرب استنزاف طويلة في سوريا لا خروج منها ولا انتصار فيها. حتى ولو تمت السيطرة على يبرود وعلى القلمون وعلى عرسال وطريق الجرد فإن هذه الجبهة ستظل مفتوحة، وستبقى الضاحية مزنرة بأكياس الرمل وبالمزيد من السيارات المفخخة والإنتحاريين، والنصر الموعود لن يأتي هذه المرة.
لذلك تبدو معركة الحكومة تفصيلا أمام معركة رئاسة الجمهورية. ألمسألة لا تتعلق ببيان وزاري ولا بكلمات ذهبية ولا بثلاثية خشبية ولا بنجيب ميقاتي ولا بتمام سلام. إنها تتعلق بمحاولة العودة إلى السيطرة على الدولة بكاملها بما فيها الحكومة والجيش والأجهزة الأمنية من أجل إكمال المعركة في سوريا وإسقاط القرارات الدولية والمحكمة الدولية و”إعلان بعبدا”. ومن أجل أن تكون الرئاسة جسر عبور إلى يبرود لا جسر عبور إلى الدولة اللبنانية التي لا تخضع لسيطرة الدويلة. دولة تلبي طموحات شعب 14 آذار لا دولة تتصدى لثورة 15 آذار.
من هذا المنطلق إن معادلات الخشب والصواريخ الموجهة إلى قصر بعبدا ليست موجهة إلى ميشال سليمان بقدر ما هي موجهة إلى من سيأتي بعده. إنها تقول لميشال سليمان “معركتنا معك لا تنتهي في 25 أيار بل سنلاحقك خارج القصر”. وتقول لمن سيأتي بعده “أنظر لما حصل مع غيرك. نحن الدولة ونحن الرئاسة ونحن الجيش ونحن الأمن. إنس 14 آذار وانس قصر بعبدا و”إعلان بعبدا”. لا يهمنا إذا بقي القصر من دون رئيس. ثمة رئيس واحد فوق كل السلطات. حتى لا يهمنا إن بقيت الجمهورية إذا لم تكن كما نريدها”.
هذه هي أهمية معركة الرئاسة اليوم وهناك تكمن أهمية مواقف الرئيس ميشال سليمان. ليس المطلوب أي رئاسة ولا أي رئيس. المطلوب رئاسة لا تعتبر أن السكوت من ذهب ورئيس يعرف معنى أن يكون رئيسا. هذا هو عنوان المرحلة وعنوان المعركة.
لم يبدل الرئيس مواقفه. وما قاله في جامعة الكسليك عن المعادلات الخشبية لم يكن جديدا. ما قاله في خطاب القسم يتردد في “إعلان بعبدا” وكان بداية الطريق إلى هذا الإعلان. لقد أكد على تمسّك لبنان بالقرارات الدولية ومن ضمنها القرار 1559 الذي نص على سحب السلاح غير الشرعي والقرار 1595 الذي قضى بإنشاء لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الرئيس رفيق الحريري ثم القرار 1757 الذي أنشأ بموجبه وتحت الفصل السابع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. في ذلك الخطاب كانت إشارة الرئيس واضحة إلى أن المقاومة صارت تنتمي إلى مرحلة سابقة وأنها استهلكت إنجازاتها في صراعاتها الداخلية فكيف يكون الحال اليوم بعدما دخلت في صراعات الحرب السورية؟ الربط بين المحكمة الدولية والقرارات الدولية وبين الحديث عن استراتيجية تحمي الوطن كان إشارة كافية لما ينتظر العلاقة بين الرئيس و”حزب الله”. ولكن في خطاب القسم كان العهد في بدايته بينما هو اليوم قبل شهرين من انتهائه.
في خطاب عيد الجيش أول آب 2013 قال الرئيس كلاما واضحا عن خطورة تدخل “حزب الله” في سوريا وجاء الرد بعد ساعات صواريخ على القصر الجمهوري في بعبدا. ولكن الرئيس بقي متمسكا باستراتيجيته ولم يتردد أمام التهديد وبقي متمكسا بـ”إعلان بعبدا” بديلا عن استراتيجة “حزب الله”. ثمة صراع بين استراتيجيتين: استراتيجية الدولة الديمقراطية الحرة واستراتيجية السيطرة على الدولة والحرب في سوريا. وهذا الصراع ليس جديدا.
منذ نزل “حزب الله” إلى ساحة رياض الصلح في 8 آذار بخطاب “شكرا سوريا” كان يرسم طريق وحدة المصير مع النظام السوري. قتاله في سوريا إلى جانب النظام لم يبدأ في القصير وفي مقام السيدة زينب. لقد بدأ في رياض الصلح. معركة سقوط النظام في سوريا بدأت في بيروت واغتيال الرئيس رفيق الحريري كان من شراراتها وحل حزب “القوات اللبنانية” واعتقال الدكتور سمير جعجع كان بداية الطريق.
لولا 14 آذار 2005 في لبنان لما كان 15 آذار 2011 في سوريا. منذ العام 1990 كانت خطة النظام السوري واضحة: لا دولة في لبنان. لا جيش. فقط صورة دولة تابعة وجيش واحد هو جيش “حزب الله”. كان إميل لحود هو الخيار الأنسب في رئاسة الجمهورية. “الرئيس المقاوم” هذه هي الصفة المطلوبة. أتى ميشال سليمان وحاول كسر القاعدة وقلب المعادلة من أجل أن تكون رئاسة مقاومة لا رئاسة تابعة لـ”المقاومة” فقامت القيامة عليه في حروب وحملات متدرجة ستصل إلى 25 ايار من أجل إعادة تعيين إميل لحود آخر في قصر بعبدا. هذا هو عنوان المعركة، معركة الرئاسة وهنا يكمن سر الصراع بين الذهب والخشب.
كان المطلوب أكثر من ذلك من تكريس نظام الوصاية. كان المطلوب أن يكون الجيش اللبناني فصيلا تابعا للمقاومة. وبدل أن يذهب “حزب الله” للقتال في سوريا كانت استراتيجية “حزب الله” والوصاية تقتضي أن يذهب الجيش اللبناني لدعم الأسد في سوريا وطبعا في ظل قرار واضح تتخذه حكومة بمباركة رئيس جمهورية الوصاية.
هنا تكمن أهمية 14 آذار. تلك اللحظة التاريخية كسرت القاعدة وأسست لمرحلة جديدة فصلت بين “حزب المقاومة” و”دولة المقاومة”. وحرب “حزب الله” على 14 آذار تستهدف العودة إلى ما قبل ذلك اليوم وإلى ما قبل ذلك التاريخ ومن هنا يبدو تاريخ 25 أيار المقبل محطة أساسية في حرب العودة.
عبثا يقاتل “حزب الله” على جبهات كثيرة ليعيد عقارب الساعة إلى الوراء ويعيق حركة التاريخ. بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان أخذ على عاتقه مهمة أن يكون هو عهد الوصاية البديل. معركة 7 أيار 2008 كانت البداية. معركة إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري كانت أساسية. ومعركة تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي كانت مفصلية ولكن سفن الحزب كانت تسير بعكس حركة الرياح.
لم يضع الحزب في حساباته أن 14 آذار اللبناني سيكون 15 آذار في سوريا. كان يريد أن يسيطر على لبنان بينما يكرّس بشار الأسد سيطرته على سوريا. نظامان متشابهان في دولتين. فجأة وجد نفسه مضطرا للقتال في سوريا لمنع انهيار النظام هناك. أكثر من ذلك كان يعتقد أن السيطرة على الدولة والنظام والجيش والشعب والمؤسسات في لبنان سهلة ومتاحة وفي متناول يده ولكن ماذا حصل؟ صار مضطرا للدفاع عن الضاحية وعن بعلبك والهرمل والنبطية وبنت جبيل. ودخل في حرب استنزاف طويلة في سوريا لا خروج منها ولا انتصار فيها. حتى ولو تمت السيطرة على يبرود وعلى القلمون وعلى عرسال وطريق الجرد فإن هذه الجبهة ستظل مفتوحة، وستبقى الضاحية مزنرة بأكياس الرمل وبالمزيد من السيارات المفخخة والإنتحاريين، والنصر الموعود لن يأتي هذه المرة.
لذلك تبدو معركة الحكومة تفصيلا أمام معركة رئاسة الجمهورية. ألمسألة لا تتعلق ببيان وزاري ولا بكلمات ذهبية ولا بثلاثية خشبية ولا بنجيب ميقاتي ولا بتمام سلام. إنها تتعلق بمحاولة العودة إلى السيطرة على الدولة بكاملها بما فيها الحكومة والجيش والأجهزة الأمنية من أجل إكمال المعركة في سوريا وإسقاط القرارات الدولية والمحكمة الدولية و”إعلان بعبدا”. ومن أجل أن تكون الرئاسة جسر عبور إلى يبرود لا جسر عبور إلى الدولة اللبنانية التي لا تخضع لسيطرة الدويلة. دولة تلبي طموحات شعب 14 آذار لا دولة تتصدى لثورة 15 آذار.
من هذا المنطلق إن معادلات الخشب والصواريخ الموجهة إلى قصر بعبدا ليست موجهة إلى ميشال سليمان بقدر ما هي موجهة إلى من سيأتي بعده. إنها تقول لميشال سليمان “معركتنا معك لا تنتهي في 25 أيار بل سنلاحقك خارج القصر”. وتقول لمن سيأتي بعده “أنظر لما حصل مع غيرك. نحن الدولة ونحن الرئاسة ونحن الجيش ونحن الأمن. إنس 14 آذار وانس قصر بعبدا و”إعلان بعبدا”. لا يهمنا إذا بقي القصر من دون رئيس. ثمة رئيس واحد فوق كل السلطات. حتى لا يهمنا إن بقيت الجمهورية إذا لم تكن كما نريدها”.
هذه هي أهمية معركة الرئاسة اليوم وهناك تكمن أهمية مواقف الرئيس ميشال سليمان. ليس المطلوب أي رئاسة ولا أي رئيس. المطلوب رئاسة لا تعتبر أن السكوت من ذهب ورئيس يعرف معنى أن يكون رئيسا. هذا هو عنوان المرحلة وعنوان المعركة.
المسيرة - 11-3-2014
إرسال تعليق