0
نقلت "الجمهورية" عن رئيس الحكومة تمام سلام قوله في جلسة الأمس ان الجلسة الاخيرة للجنة صوغ البيان الوزاري "كانت مثل طنجرة بوشار كثرت فيها الفقاقيع ولكن بلا طعم او نتيجة". وأبدى استياءه الكبير، مؤكداً ان الفريقين خدعاه حيث لم تسهل مهمة صوغ البيان على عكس ما توقع وهذا ما دفعه الى حسم امره بالاستقالة، خصوصاً بعد توارد افكار ومعلومات اليه تشي بأنه يجري التداول جديا لدى قوى 14 آذار بأسماء لتولي رئاسة الحكومة مثل خالد قباني ونهاد المشنوق وكأن الاستشارات النيابية الملزمة للتكليف حاصلة لا محال.

ولفت وزير الاعلام رمزي جريج بعد الجلسة التي دامت 6 ساعات، الى ان رئيس الجمهورية ميشال سليمان افتتحها مؤكدا أن المناقشات جيدة، وبقي هناك نقطة محلة نقاش، واللبنانيون يتأملون بالحكومة ولا يعلقون على كلمة. واضاف انه لا يمكننا ابقاء الوضع معلقاً ويجب الانتهاء من هذا الموضوع اليوم (أمس)، وبالاضافة الى اللبنانيين هناك حرص لدى المجتمع الدولي على لبنان يجب ان يقابله حرص اكبر منا يترجم بقيام حكومة كاملة الصلاحية". واشار سليمان الى ان القمة العربية ستعقد في 25 من الجاري ولا يجوز الذهاب اليها بلا حكومة مكتملة الصلاحية".

واشار الى ان وزير الخارجية جبران باسيل لعب الدور اللازم في اجتماع وزراء الخارجية العرب، مبديا رغبته بعدم الدخول في نقاش المهل لأن الهدف هو انجاز بيان وزاري وليس النقاش في الثغرات الدستورية".

ثم تكلم سلام فذكّر ان الجلسة الاولى للحكومة كانت جامعة واعطت دفعا لانجاز البيان الوزاري، واضاف انه قد سبق له ان قال ان هذه الحكومة لن تحقق المعجزات ولكن امامها 3 اشهر لتتصدى لبعض الاولويات ومنها الاستحقاق الرئاسي ووضع قانون انتخابي ومعالجة القضايا الحياتية".

واضاف ان الجو الذي ساد اجتماعات لجنة صياغة البيان الوزاري كان جيدا، واشار الى انه وضع مسودة بيان وان النقاش ازال كثيراً من العقبات وان القسم الاكبر من البيان اُنجز وبقي قسم لم نتمكن من انجازه لكن الواقع يملي القول اننا لم نصل الى البيان، وختم انه يضع هذا الامر عند الحكومة لتحمل مسؤولياتها".

واشار جريج الى ان "الجلسة تركت مفتوحة على ان يعود المجلس الى الاجتماع في ضوء ما ستفسر عنه الاتصالات"، لافتا الى ان الوزراء عرضوا لصيغ مختلفة لحل النقطة العالقة في البيان، وابدى سلام رغبته في الاستقالة فتمنى عليه سليمان وكثير من الوزراء التريث فتجاوب مفسحا المجال لمزيد من الاتصالات.

وعلمت الجمهورية ان الصيغة التي قدمها بري وجنبلاط وكانت محور النقاش طوال نهار امس قبل جلسة مجلس الوزراء وخلالها وعلى هامشها تنص على الآتي:

"انطلاقا من مسؤولية الدولة بالمحافظة على سيادة لبنان واستقلاله ووحدته وسلامته، تؤكد الحكومة على واجبها وسعيها لتحرير باقي الاراضي المحتلة بشتى الوسائل المشروعة والمتاحة، مع التأكيد ان المقاومة هي تعبير صادق وطبيعي عن حق الشعب اللبناني في تحرير ارضه والدفاع عن كرامته في مواجهة المطامع الاسرائيلية والتمسك بحقه في مياهه ونفطه".

وبعد نحو 6 ساعات من النقاش ظلت المشكلة عند 14 آذار تكمن في عدم ايراد عبارة "حق المقاومة للشعب اللبناني". وكشفت مصادر 8 اذار لـ"الجمهورية" انه كلما كانت النقاشات تصل الى مرحلة متقدمة جداً نتفاجأ بالعودة الى الوراء وتقديم فريق 14 آذار تبريرات غير مفهومة واللعب على الكلمات ضمن اللغة العربية كان بعضها ساذجاً ليتبين في نهاية الامر انها كانت مماحكة في الصيغ ليس اكثر ومحاولات لتحقيق مكاسب في النص بهدف تفسيره لاحقاً بالطريقة التي يريدونها.

واضافت المصادر: "كنا على مشارف الانتهاء وتفاجأنا بطرح تعابير جديدة اعادت النقاش الى الوراء". واكدت "ان الموضوع هو ان هناك فريقاً لا يريد المقاومة".

وعلمت "الجمهورية" ان سلام كان مصرا على استقالته اذا لم يخرج مجلس الوزراء باتفاق، لكنه نتيجة اصرار جميع الأفرقاء طُلب منه التريث واعطاء فرصة اخيرة وليتخذ الموقف الذي يراه مناسبا لاحقاً، لأن المجال لا يزال مفتوحا وهناك وقت ولو كان ضيقا.

وامام هذا الطلب والاصرار تريث سلام في تقديم استقالته من دون ان يتراجع. وقال: "غدا (اليوم) هي الفرصة الاخيرة ولو كنتم تريدون الاتفاق لفعلتم اليوم وقبله. ولكن حرصا مني على بقاء هذه الحكومة سأعطي مجالاً وفرصة اخيرة، على ان لا تتعدى غداً (اليوم)".

وفي ضوء هذا الموقف تقرر الاستمرار في الاتصالات وبقاء جلسات مجلس الوزراء مفتوحة على ان يحدد موعد الجلسة الحاسمة فور نضوج الاتفاق اليوم. وبعد انتهاء الجلسة عقد سليمان وسلام خلوة.

خلية نحل

مع بدء العدّ العكسي لانتهاء مهلة إنجاز البيان الوزاري ليل الاثنين المقبل، فُتحت خطوط التواصل على مصاريعها، وتسارعت وتيرة الاتصالات والمشاورات واللقاءات على مختلف المستويات في سبيل إنقاذ البيان الوزاري ومعه الحكومة بعد تهديد رئيسها تمّام سلام بالاستقالة.

وقد تحوّل قصر بعبدا خليّة نحل، إذ عُقدت لقاءات عدة على هامش الغداء الذي أقامه رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان على شرف نظيره الفنلندي صاولي نينيستو، وشارك رئيس مجلس النواب نبيه بري وسلام في عدد من اللقاءات.

وخلافاً لما ذكر البعض، لم تُعقد أيّ خلوة أو لقاءات ثنائية أو ثلاثية بين سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري وسلام، إنّما حصلت أحاديث بينهم "على الواقف" وعلى هامش الغداء الرئاسي، وعرض برّي خلالها للصيغة التي وضعها لبند "المقاومة" في البيان الوزاري، والتي وافق عليها رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط، فلم يبدِ سليمان أيّ مانع في اعتمادها، ووافق سلام عليها مبدئياً.

على الأثر، استدعى بري الوزيرين علي حسن خليل ووائل ابو فاعور وأطلعهما على أجواء ما دار بينه وبين سليمان وسلام، وطلب منهما أن يطرحا صيغته في جلسة مجلس الوزراء إذا وجدا الجوّ مؤاتياً، أمّا إذا كان العكس فليؤجّلا طرحها.

ونُقل عن بري قوله إنّه إذا كانت النيات حسنة فيفترض ان تلقى صيغته قبولاً لدى الجميع. وتمنّى بري على سلام ان يدعو الى جلسة لمجلس الوزراء تعقد غداً السبت أو بعد غد الاحد أو الاثنين، وأن لا يتسرّع في استقالته التي أكّد صراحة أنّه ينوي تقديمها في حال لم يتوصّل مجلس الوزراء الى اتّفاق على البيان في جلسة الأمس.

وقد ردّ سلام على بري أنّه يصرّ على حسم أمر البيان في جلسة مجلس الوزراء أمس وأنّ التأجيل الى السبت غير مُجدٍ لأنّه يمكن ان يحصل تصلّب أكثر في المواقف بعد مهرجان قوى 14 آذار في ذكرى انطلاقتها، المقرّرة إقامته في مجمّع "بيال" وسط بيروت اليوم.

وإذ أكّد بري أنّ الوقت ما زال متاحاً للوصول الى بيان وزاري حتى منتصف ليل الإثنين المقبل، أبلغ سلام اليه وإلى سليمان نيَّته الاستقالة إذا لم يتمّ الاتفاق على البيان.

وأثناء الغداء مازحَ برّي سلام قائلاً: "لازم تاخد معك إلى جلسة مجلس الوزراء أسطوانة أغنية الفنانة ماجدة الرومي "كلمات ليست كالكلمات" طالما إنّ قصّة البيان الوزاري صارت كلمات بكلمات".

ولفتَ برّي أيضاً في هذا السياق إلى أنّ اليوم (يوم أمس) صادفَ ذكرى انتخاب قداسة البابا فرنسيس، وعلّق على ذلك قائلاً: "ظمط البابا من 14 آذار ومن 8 آذار".

وقال برّي "إنّ مهلة الإسقاط في موضوع البيان الوزاري هي مهلة حثّ لـ 14 آذار حتى تذهب الى اتفاق عليه مع 8 آذار".
وفي هذا السياق، أكّدت مصادر دستورية أنّ موضوع المهل بالنسبة الى إنجاز البيان الوزاري قد حُسمت بين المعنيين، بحيث إنّ الحكومة ستصبح مستقيلة حكماً ابتداءً من منتصف ليل الاثنين المقبل في حال لم يصل بيانها الوزاري الى رئاسة مجلس النواب، حيث تنتهي مهلة الثلاثين يوماً المحددة في المادة 64 من الدستور للحكومة لكي تنجز هذا البيان.

وكانت بعبدا شهدت مشاورات في شأن تفسير المادة 64 من الدستور بما يؤدّي إلى توضيح مضمونها بعيداً من الالتباسات حول تفسيرها، والتقى سليمان لهذه الغاية عدداً من الحقوقيين. وأجمعت الاستشارات على انّ المهلة هي مهلة "إسقاط" وليست مهلة "حث"، مثلما ذهبت إليه قوى 14 آذار وكتلة "المستقبل".

وفي معلومات لـ"الجمهورية أنّ رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع أبلغَ إلى قيادات 14 آذار أنّه سينسحب من هذا الفريق في حال وافقوا على الصيغة التي تطرحها 8 آذار لموضوع "المقاومة" في البيان الوزاري.

14\3\2014

إرسال تعليق

 
Top