0
مع اكتمال ولادة الحكومة الجديدة برئاسة تمام سلام، يكون لبنان قد تجنب في شكل او آخر انفجارا كان محتوما بعد اغتيال الوزير السابق محمد شطح، وتفاقم التوتر المذهبي الحاد في البلاد على خلفية الصراع في سوريا فضلا عن الصراع الاكبر الممتد على كل الساحات العربية من العراق الى لبنان مرورا بسوريا نفسها.

لكي تكون الامور واضحة للجميع، يجدر التيقن من ان التحول في المواقف من تشكيل الحكومة الذي شكل مفاجأة في مطلع شهر كانون الاول الماضي، لم يأتٍ من فراغ، وانما حصل في سياق تفاهمات غير مكتوبة وغير معلنة بين ثلاثة اطراف رئيسيين معنيين بالملف اللبناني، بوصفهم يمثلون الثقل الاكبر الوازن على الساحة نفوذا وتأثيرا على اللاعبين المحليين. فالقطار الحكومي ما كان لينطلق ويعبر كل المحطات الصعبة بنجاح لولا تفاهمات بين السعودية وايران والولايات المتحدة على الحد من انزلاق الساحة اللبنانية نحو انفجار امني شامل تهيأت له جميع العناصر المساعدة، وآخرها اغتيال محمد شطح. ومع ذلك لم ينزلق لبنان نحو الانفجار الشامل.

هكذا تحركت قاطرة التأليف، وهكذا تشكلت الحكومة، وهكذا جرى تجاوز عقدة البيان الوزاري على الرغم من حجم الاحقاد الهائل بين المكونات السياسية، والهوة المخيفة على الصعيد الشعبي، ولا سيما بين اكبر مكونين، اي السنة والشيعة.

لم تؤد "التفاهمات" المانعة لانفجار لبنان الى راب الصدع، ولكنها اجلست طرفي المعادلة السياسية الاساسيين اي "حزب الله” و"تيار المستقبل" الى طاولة حكومية واحدة. دفعت الطرفين الى تنازلات كبيرة قياسا على مواقفهما وارتفاع لهجة الخطاب السياسي، والتراشق بينهما.

هذا الواقع يوضح كم ان الساحة اللبنانية محكومة بعوامل خارجية تبدأ بالاقليمي لتنتهي بالدولي. طرفا المعادلة الاقليمية السعودية وايران وعراب المجتمع الدولي الولايات المتحدة. خارج هذه الاطراف الثلاثة يستحيل تحريك الساحة اللبنانية في اتجاه خفض مستوى التوتر. ويستنتج مما سبق ان اللاعبين الخارجيين يتحكمون في الواقع اللبناني تماما كما يتحكمون في مصير سوريا نفسها.

وبالعودة الى "التفاهمات" حول لبنان، فالمقلق هنا في غياب كل امكان لبلورة موقف وطني داخلي مستقل، انها تبقى رهنا بارادات خارجية.

هذا الواقع مؤسف للغاية، وخصوصا ان امام لبنان واللبنانيين استحقاق الانتخابات الرئاسية المتأثر حكما بمناخات المنطقة، ولاسيما بتطورات الصراع في سوريا. وعليه لا بد من مراقبة تطور الازمة الاوكرانية لجهة العلاقات الروسية - الاميركية، وكذلك نتائج زيارة الرئيس الاميركي باراك اوباما للسعودية نهاية الشهر الجاري، وبالطبع تطور جولة المفاوضات الايرانية مع المجتمع الدولي الجارية الآن حول البرنامح النووي، من اجل تلمس ملامح المرحلة المقبلة في لبنان. والسؤال، هل تنسحب "التفاهمات" الخارجية على الاستحقاق الرئاسي؟

علي حمادة - النهار 22\3\2014

إرسال تعليق

 
Top