اذا كانت فلسطين لطيمة العرب منذ عام ١٩٤٨، فان سوريا يتيمة العرب منذ ثلاثة أعوام، اما لبنان فقد بدا امام القمة العربية في الكويت وكأنه شقي العرب.
بداية لم يكن في وسع الكويت واميرها الشيخ صباح دفع القمة الخامسة والعشرين لترتقي الى مستوى "طموحات الشعوب العربية"، اولاً لأن هذه الطموحات ليست واحدة بل انها متعارضة ومتناقضة احياناً، وثانياً لأن ليس في وسع العطّار الكويتي، على رغم لياقته وبراعته، ان يصلح ما أفسد دهر من عجز الانظمة العربية عن تلبية طموحات شعوبها، فقد كان كافياً ان الكويت ضمنت عقد القمة وحالت دون تأجيلها او دون توقف دورية مؤسسة القمة بسبب الخلافات العاصفة بين اكثر من عاصمة ما بين المحيط والخليج !
في موضوع الايتام دعوني ابدأ بلبنان، فلقد أحسست بالإهانة والازدراء في الجلسة الافتتاحية عندما تعاقب الزعماء العرب على توجيه التهنئة الى لبنان (التهنئة) لأنه نجح في تشكيل حكومته وكأنه وليد وقد تمكن من الوقوف على رجليه، او لكأن تشكيل الحكومات من الانجازات ولبنان نال استقلاله قبل 71 عاماً، ليقع في احتلالات يصنعها اللبنانيون بأيديهم ويستوردونها باراداتهم غير الحرة على الاطلاق!
وسوريا كانت يتيمة العرب عندما تمّ نزع مقعدها من الائتلاف المعارض، بعدما كانت قمة الدوحة اعطته للمعارضة، فلقد بدا القرار الغريب نزعاً لشرعية المعارضة السورية وسحباً للبساط العربي من تحت قدميها، واذا كانت اميركا ودول العالم تبخل عليها بالسلاح فان القمة نزعت منها السلاح السياسي وتركتها لمصيرها الصومالي المخيف!
هذا في وقت تتوقع واشنطن ان تستمر المقتلة السورية عشر سنين وربما اكثر، ولست ادري ماذا سيبقى منها ومن لبنان ومن العرب بعد هذه المدة الطويلة. ان نزع المقعد ليس من مسؤولية الكويت قطعاً، هو نتيجة الخلاف العربي المعيب حول الازمة السورية، فالكويت أدّت قسطها بنجاحها في ضمان عقد القمة!
بالطبع كانت فلسطين كالعادة لطيمة العرب، وخصوصاً ان القمة عقدت في ظل فشل صارخ لعملية التسوية يتمثّل في ان جون كيري أضاف عبارة "غير ملزم" الى "اتفاق اطار"، بما يعني ان مساعي الادارة الاميركية وصلت الى حائط مسدود بسبب تقاعس ادارة اوباما، وانحيازها الى العدو الاسرائيلي المتعنّت والذي يطلب من الفلسطينيين استسلاماً يساوي حذفهم من التاريخ!
لمناسبة الحديث عن اليتم في احوال العرب، هل كثير الافتراض ان العراق النازف يسير على طريق الايتام، وهل من المبالغة القول ان ليبيا التي كانت شقيّ العرب مع القذافي، صارت من ايتامهم مع الفوضى الضاربة فيها ... ثم هل هناك في احوال السياسة العربية من يحق له القول انه ليس يتيماً ؟
راجح الخوري - النهار 27\3\2014
إرسال تعليق