0
هذه هي سمة الانتخابات الرئاسية في لبنان، ونحن ندخل اليوم في المهلة الدستورية لانتخابات رئيس جديد للبلاد تدوم شهرين قبل ان ندخل في الفراغ الذي يخشاه جميع اللبنانيين مع انهم اعتادوا على مر العقود والحروب الفراغ والتعطيل في جميع المؤسسات. ومن هنا فإن الكلام الكبير حول الخوف من الفراغ مبالغ فيه في لبنان حيث الوطن معلق، والدولة معلقة، والقانون معلق. 

ومع ذلك ثمة طابع لبناني فريد من نوعه بالنسبة الى الانتخابات الرئاسية التي تمتاز عن غيرها بأن المرشحين الجديين من اصحاب الحظوظ الحقيقية بالفوز فيها لا يقدمون ترشيحاتهم، ولا برامجهم، ويتذرعون بأن تاريخهم يعرّف بهم ويشهد لهم. هذه "ميزة" لبنانية تحول العملية الانتخابية الى صورية على قاعدة معروفة تفيد بأن الرئيس اللبناني يتم اختياره خارج قاعة مجلس النواب، والنصاب ثم التصويت يتمان بعد الاتفاق على الرئيس الجديد. والحقيقة انه وبعد امتلاك "حزب الله" أقله "فيتو" في مجلس النواب يمكنه عبر رئيسه من تفسير الدستور وفق مصالحه بالنسبة الى موضوع النصاب صار شرط النصاب الدائم في كل الدورات بالنسبة الى الرئيس نبيه بري أكثرية الثلثين، وصار بإمكان الحزب المشار اليه تعطيل المجلس بأسره على النحو الذي حصل في الاشهر الستة قبل انتخاب الرئيس ميشال سليمان.

إذاً، في لبنان استحقاق رئاسي من دون مرشحين معلنين. وشرط الاتفاق المسبق اساس بين قادة الكتل. لكن قادة الكتل الاساسية يعودون في النهاية الى اللاعبين الاقليميين للمشورة واكثر. وبحسب الواقع الحالي لتوزّع النفوذ الخارجي في لبنان ثمة ثلاثة لاعبين اساسيين سبق ان صنع "توافقهم" معجزة تحريك الملف الحكومي بعد عشرة اشهر من الركود، وتألفت حكومة اضداد، ثم جرى تجاوز عقدة البيان الوزاري على نحو ادى الى تصفير عداد المكاسب والخسائر.

الولايات المتحدة، السعودية وايران هم اللاعبون الاساسيون والجديون الذين يصنعون رئيسا في لبنان. اما النظام في سوريا فجزء من مروحة النفوذ الايراني. واما قطر التي سبق لها ان لعبت ادوارا حساسة في مرحلة معينة فتبقى لاعبا هامشيا متى حل الثلاثة الرئيسيون للتوافق على شخص رئيس الجمهورية اللبنانية المقبل.

إن مسؤولية مجلس النواب في اختيار الرئيس اجرائية ما دام لبنان محكوما بلعبة الامم. والرئيس المقبل ما لم يحصل تطور دراماتيكي يقلب الطاولة رأسا على عقب سيكون توافقيا في الخارج، ثم في الداخل بشكل عام. وشخص الرئيس المقبل اكان سينتخب، او يمدد له سيخضع لموافقة الاطراف الثلاثة الخارجيين لتنسحب الموافقة على اكبر الكتل النيابية في البلاد.

في مطلق الاحوال، ليس للبنانيين ان ينتظروا برامج رئاسية في ظل هذه المعادلة، وخصوصا ان رئيس الجمهورية بعد الطائف ما عاد ذلك الملك بلباس رئيس برلماني.

علي حمادة - النهار 25\3\2014

إرسال تعليق

 
Top