كتب أحمد عياش - ما يريده "حزب الله" من البيان الوزاري الجديد شيء واحد: لكم دولتكم ولنا مقاومتنا. لا بد من الاعتراف ان ما يريده هذا الحزب ليس جديدا وهو مصيب في القول بأن ما يطلبه اليوم حصل عليه منذ ان عادت الدولة الى العمل بموجب اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب التي نشبت عام 1975 ووضعت أوزارها عام 1989.
في ذلك الزمن حصلت هذه الميليشيا على استثناء لم تحصل عليه سائر الميليشيات التي سلّمت أسلحتها فيما بقي "حزب الله" على سلاحه الذي يُستخدم في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي.
وبفضل الوصاية السورية أيام الرئيس حافظ الأسد بقيت مقاومة "حزب الله" المسلحة تعمل حتى العام 2000 حيث انتهت حقبة الاحتلال الاسرائيلي بتطبيق القرار 425. وتشاء الاقدار ان ينتهي هذا الاحتلال بنهاية حياة الأسد.
لكن الذي لم ينته هو الذريعة التي يوفرها سلاح الحزب الذي أشهر هويته الإيرانية كذراع لجيش وليّ الفقيه على المتوسط فكان لا بد من إيجاد ذريعة جديدة لاستمراره فكانت حكاية مزارع شبعا قبل 14 عاما. الفارق اليوم وللمرة الاولى في هذا المسار الطويل لسلاح "حزب الله" هو ان آخر الحكومات بعد الطائف التي ترأسها نجيب ميقاتي ولدت أثناء تكوّن أحداث سوريا.
لم يكن مطروحا عند إعداد البيان الوزاري للحكومة السابقة تورط الحزب في أحداث سوريا التي اشتد وطيسها لاحقا. لكن الدولة اللبنانية، ومداراة لموقفها امام المجتمع الدولي، اخترعت سياسة "النأي بالنفس" كي تخفف من وطأة تورّط طرف لبناني في حرب سوريا وهو في الوقت نفسه أحد مكونات الحكومة. وبعد تصاعد الضغوط على لبنان من كل حدب عربي وصوب دولي قاد رئيس الجمهورية ميشال سليمان ولادة "اعلان بعبدا" الذي يثبّت سياسة "النأي بالنفس" رسميا.
وعلى الرغم من كل الحبر الذي كتب به الاعلان بقي "حزب الله" يسفك الدماء في سوريا. اليوم، اختلف المشهد. لا يستطيع الحزب ان يكمل رحلة التمتع بميزة استثناء سلاحه كما حصل عام 1989. وعليه يجب نزع سلاح الحزب أسوة بميليشيات عام 1989 وكذلك أسوة بالتصنيف الدولي والعربي لكل سلاح غير سلاح السوريين.
ان "حزب الله" اليوم هو في خانة واحدة مع كل حَمَلَة السلاح الذين يتدفقون على سوريا. في انتظار ان يحل لبنان المعضلة التي تخصه يدور نقاش آخر بعيداً من اجتماعات البيان الوزاري ضمن "البيئة الحاضنة" لـ"حزب الله" نفسه.
فقد سأل أحد وجهاء الطائفة الشيعية مؤخراً نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبدالامير قبلان: هل يمكن اعتبار اللبناني الذي يُقتل في سوريا شهيداً؟
الجواب كان الصمت. في المقابل، تجرأ الشيخ صبحي الطفيلي، الامين العام السابق لـ"حزب الله" وقال ان اللبناني الذي يُقتل في سوريا ليس شهيداً. إذن، فلتكن التسوية في البيان الوزاري: مَن مات في سوريا ليس شهيداً.
النهار - 8 آذار 2014
إرسال تعليق