0
كتب طوني عيسى - لا توحي معركة القلمون بأنها سريعة. ولأنها قد تطول أسابيع أو أشهراً، يجدر السؤال: هل تتحمَّل عرسال ضغوطاً إضافية، وهي على وشك الإهتراء الشامل؟

إذا سقطت يبرود، فسيكون النظام في سوريا قد حقّق نصراً إستراتيجياً ثانياً، بعد القُصَير. وستكون قواته قد ربطت بين دمشق وحمص والساحل، وعطّلت جزئياً ترابط المعارضة في البقعة المحاذية للحدود مع لبنان.

وإذا أتيح لقوى النظام و»حزب الله» أن يتوجَّها من يبرود جنوباً للسيطرة على رنكوس وعسال الورد، فسيقطعا على المعارضة إمكان التوسُّع من درعا نحو المداخل الجنوبية للعاصمة واليرموك وطريق المطار، وتقديم الدعم للمعارضة في الغوطة.

أما في الجانب اللبناني من الحدود، فلا سيناريوهات عسكرية متوقعة، لأنّ «حزب الله» يسيطر على مناطق الهرمل تماماً. لكنّ عرسال تبقى مشكلته. فهو يتّهمها بإيواء «الجهاديين» تحت غطاء اللاجئين، ويقول إنّ الإنتحاريين ينطلقون منها إلى مناطقه، بعد تجهيزهم في يبرود. كما يتّهمها بممارسة القصف، وأحياناً الخطف. ولكن، على رغم ذلك يمارس «الحزب» ضبط النفس، ولم يلجأ إلى 7 أيار عرسالية تحت عنوان «تهديد أمنه».

ويبدو أنه يريد إنضاج «طبخة» عرسال مع «طبخة» القلمون في آن واحد، وعلى نارٍ واحدة. وفي تقدير محللين أنّ «حزب الله» يحاذر فتح معركة داخلية مزعجة له، وقد تكون تردداتها قاسية في غير منطقة وعلى غير مستوى.

فسقوط المعارضة السورية في القلمون سيعزل عرسال تماماً، وتصبح مهيأة لتلقّي الخيارات المطلوبة بلا جهدٍ كبير، ولا ضجيج ولا أكلاف. ولذلك، لا داعي للإستعجال في حسم الموقف هناك، على طريقة 7 أيار، ما دامت القوى الأمنية والعسكرية الرسمية تضبط وضع عرسال في الحدّ الأدنى، وتوفّر عليها المغامرة بإثارة الإنفعالات المذهبية.

فإذا سقطت يبرود وأخواتها، كما يخطط النظام وحلفاؤه، سيكون «حزب الله» قادراً على تكريس قواعد إشتباك جديدة في لبنان، بدءاً بعرسال التي ستكون جزيرة نائمة في بحر هائج مذهبياً على ضفتَي الحدود اللبنانية ـ السورية. ووفق الخبراء، سيشدّ «الحزب» وثاقه عليها.
وإذا حصل ذلك، فهل سيؤدي إلى تهدئة الحراك المذهبي في لبنان أم إلى مزيد من الإهتزازات؟

ربما يطمح «حزب الله» وسواه إلى إقفال معابر السيارات الإنتحارية، السالكة جرود عرسال من يبرود إلى الضاحية الجنوبية والهرمل. لكنّ هناك
شكوكاً حقيقية في إمكان تحقيق ذلك، ما دامت المعارك مستمرة في مناطق سوريّة أخرى، وحتى في محاذاة الحدود مع لبنان. فهل يسلك الجهاديون طرقاً بديلة من جرود عرسال مثلاً؟ وماذا عن الإنتحاريين الذين باتوا يحملون إشارة «صُنِع في لبنان»؟

على الأرجح، ستدفع معركة القلمون إلى مزيد من المغامرات في لبنان، ولن تُقدِّم الإستقرار وإنتصارَ فئة على أخرى. وإذا كانت سوريا مقبلة على سنوات من القتال المذهبي، فلا يمكن أحد في لبنان أن يراهن على الحسم لمصلحته، بناءً على نتائج معركة. والمفارقة هي أنّ حسم معركة يبرود لمصلحة الرئيس بشّار الأسد سيريحه جزئياً في سوريا، لكنه لن يريح «حزب الله» في لبنان. والدليل أنّ متاعب لبنان إزدادت كثيراً بعد حسم معركة القُصَير، فيما تحسَّن وضع الأسد. فلبنان ليس سوريا، والأرباح هناك ليست بالضرورة أرباحاً هنا، والعكس صحيح.

الجمهورية - الأثنين 10 آذار 2014

إرسال تعليق

 
Top