0

كتب فؤاد ابو زيد - مذكرة الثوابت الوطنية التي اعلنتها بكركي، وتصريح رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان امام كنيسة مار مارون كانا الحدث الابرز في الايام القليلة الماضية، وليس العراقيل المفتعلة التي تعوق تشكيل الحكومة الجديدة، على اعتبار ان مضموني المذكرة والتصريح بما تضمنا من تشريح لواقع الحال في لبنان، ومن كشف لخطورة ما يمارسه البعض في مجالات تفتيش الصيغة اللبنانية التي قامت على اكتاف رجالات تاريخيين مثل البطريرك الحويك والرئيس الشيخ بشارة الخوري ورئيس الحكومة الشهيد رياض الصلح، وضرب المؤسسات والدستور والاعراف، وتقديم المصالح الشخصية والفئوية والحزبية والمذهبية على مصلحة لبنان، والتنصل من الاجماع الوطني الذي تظهر في جولات الحوار، وخصوصا في الجولة التي اقرّ فيها اعلان بعبدا، الذي تلاقى مع مذكرة بكركي بضرورة تحييد لبنان عن الصراعات القريبة والبعيدة، بما يحمي اللبنانيين من الخوف والقلق والقتل والارهاب ويبعد عنهم شبح الجوع، وعندما دعا الرئيس سليمان الجميع العودة الى لبنان، لم يكن يقصد على التأكيد عودة المقاتلين من سوريا وحسب، بل كان يدعو الجميع للانتماء الى الوطن، والالتفاف حول الدولة والقوى الشرعية، خصوصا الجيش اللبناني وتزويده بالسلاح النوعي الذي يمكّنه من التصدي لاسرائيل واي اعتداء على لبنان، ويصبح بالتالي القوة الوحيدة على الارض اللبنانية. ودعوة سليمان هذه تلتقي ايضا مع مضمون مذكرة بكركي التي ترفض وجود اي قوة الى جانب الجيش اللبناني، وتدعو الى اعتماد طرح الاستراتيجية الدفاعية الذي قدمه الرئيس سليمان مجددا الى المتحاورين في اخر لقاء حواري في بعبدا، بعدما سبق له وطرحه في جولات الحوار الاولى.
المذكرة التاريخية التي اذاعها البطريرك بشارة الراعي بعد اجتماع المطارنة الموارنة الاسبوع الماضي، ذكرت اللبنانيين عموما والمسيحيين خصوصا، بنداء المطارنة الموارنة الشهير الذي دعا الى انسحاب الجيش السوري من لبنان، بعدما انسحبت القوات الاسرائيلية في العام 2000 بفعل ضغط المقاومة، كما ذكرتهم بالبيانات والتصريحات التي كانت تصدر عن البطريرك نصرالله صفير، ما يشير الى ان ثوابت بكركي الوطنية هي واحدة في كل زمان ومكان، ولا يصح الا الصحيح في بكركي طال الزمان ام قصر، ورئيس الجمهورية العماد سليمان، بما يمتاز من مخزون وطني وروحي وانساني، كان على علاقة ودّ واحترام وتعاون على الخير مع البطريرك الراعي، وليس غريبا، ان تلتقي اهداف ومواقف، اصحاب النيات الطيبة، ممن يفكرون لبنانيا ووطنيا وصرف النظر عن الطائفة او المذهب، ولذلك فان هؤلاء جميعهم مدعوون الى ملاقاة الجهود التي تبذل في الخارج لتأمين استقرار لبنان من خلال حكومة تحكم فعلا وتلتزم بالمواعيد والاستحقاقات الدستورية وبما اتفق عليه اللبنانيون والمجتمع الدولي، خصوصا ان الملف اللبناني سيكون على طاولة اوباما وهولاند في واشنطن اضافة الى ملقى سوريا وايران، ومن الواجب وجود شريك لبناني شرعي ودستوري قادر على التعامل مع المستجدات التي تحبل بها منطقتنا، وفي شكل خاص مشكلة اللاجئين السوريين في لبنان وبعض الدول العربية.
هذه الاوضاع الدقيقة تفرض على رئيس الحكومة المكلف تمام سلام، ان يحزم امره ويشكل حكومته، اذا كانت العرقلة سيدة الموقف ويضع الجميع امام مسؤولياتهم، ويكفيه الانتظار والصبر لمدة عشرة اشهر.
الديار

إرسال تعليق

 
Top