0


كتبت سابين عويس - إذا كان الحدث الامني المتمثل في إنجاز الجيش توقيف مجموعات إرهابية وتفكيك سيارتين معدتين للتفجير، قد خرق جمود المشهد السياسي الناجم عن توقف كل محركات الدفع في اتجاه تأليف الحكومة، فإن معطيات تداولتها مراجع سياسية أمس، عكست مناخاً جدياً لدى رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة المكلف تمام سلام في المضي في عملية التأليف، خلافاً للنعي الذي قوبلت به مساعي التأليف من أكثر من فريق سياسي.
وهو ما يفسر الكلام الذي تردد أمس في بعض الاوساط السياسية الضيقة عن لقاء محتمل مساء بين سليمان وسلام يحسم مصير الحكومة.
تتفاوت المعطيات المتوافرة عن ملف التأليف على ضفتي 8 و14 آذار ورئيس الجمهورية والرئيس المكلف بينهما.
ففي حين تجزم أوساط 8 آذار بإستحالة تشكيل الحكومة معولة على مجموعة من المعطيات التي تدفعها نحو هذا الجزم، وخصوصا أنها فريق مقرر في هذا الشأن يملك قرار التعطيل، تتريث قوى 14 آذار في قيادة “تيار المستقبل” في حسم توقيت الولادة، على قاعدة أنها تملك مفتاح التوقيت!
وترددت في الساعات الماضية معلومات تفيد أن رئيس الجمهورية قد أبلغ المعنيين بالملف الحكومي ولا سيما في “تيار المستقبل” أن مهلة المفاوضات قد استنفدت وأنه لم يعد أمام سلام الا تقديم تشكيلته، والا فإن الوضع سيتغير إعتبارا من اليوم وستكون البلاد أمام مشهد جديد.
هذا المناخ، معطوفاً على موعد مغادرة رئيس المجلس نبيه بري غداً الجمعة في جولة تستمر عشرة أيام، عزز الانطباع أن الحكومة إما أن ترى النور اليوم وإما أنها ستدخل في سبات جديد مرهون بالتطورات المحلية والاقليمية والمواعيد الدستورية للإستحقاق الرئاسي.
وعلى المقلب الآخر، تبدو أوساط 8 آذار مرتاحة إلى المعطيات التي في حوزتها، والتي تضمن لها أن أي خطوة في إتجاه حكومة بمن حضر لم تعد واردة. وهي تورد هذه المعطيات كالآتي:
- ان الاجواء الواردة من قصر بعبدا عن نية سيد القصر توقيع مراسيم الحكومة السلامية فور ورودها اليه، لا تتجاوز حدود الضغوط التي يمارسها رئيس الجمهورية على القوى السياسية، عبر تحديد مهل زمنية والتهويل بتوقيع مراسيم الحكومة، من دون ان تكون مبنية على معطيات ثابتة او رغبة حقيقية في التأليف، كاشفة عن اقتناعها بأن رئيس الجمهورية لم يسقط خيار تمديد الولاية او تجديدها.
- ترقب خطاب رئيس “تيار المستقبل” الرئيس سعد الحريري في الذكرى التاسعة لإستشهاد الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط الجاري، وما يمكن ان يحمله من توجهات تحدد وجهة قوى 14 آذار وإستراتيجية عملها السياسي للمرحلة المقبلة.
- إعلان رئيس “جبهة النضال الوطني” النائب وليد جنبلاط وقفه كل المساعي والوساطات بعدما ضربت التفاهمات الاساسية التي تم التوصل اليها وسقطت ضحية شروط تعجيزية جديدة لا أفق لحلحلتها محلياً.
- غياب رئيس المجلس نبيه بري عن البلاد لمدة لا تقل عن عشرة أيام، بما يؤشر إلى أن لا أفق لولادة قريبة، علما ان زيارة بري للكويت كانت مرتبقة قبل فترة وتم تأجيلها بعد توقع التأليف.
- الانفتاح والتواصل بين “تيار المستقبل” و”التيار الوطني الحر”، وقد وصفتها مصادر في التيار البرتقالي بأنها يستهدفان رزمة متكاملة تتناول في الدرجة الاولى الاستحقاق الرئاسي بعدما أصبح الملف الحكومي تفصيلا من ضمن هذه الرزمة. ونقلت مصادر سياسية مطلعة عن رئيس الجمهورية إمتعاضه من التواصل المباشر في هذا الشأن، بإعتبار أن مسألة تأليف الحكومة هي من صلاحيات الرئيس المكلف بالتعاون مع رئيس الجمهورية.
- الموقف البارز للبطريرك الماروني بشارة الراعي من “كرامة” الرئيسين حيال تأليف حكومة لا تنال الثقة.
وسط هذه الاجواء المتناقضة بمعطياتها وخلفياتها، بدا أن الملف الحكومي دخل فعلا مرحلة الاستحقاق الرئاسي، وخصوصاً أن الوقت الفاصل عن دخول المهلة الدستورية لإنتخاب رئيس جديد للجمهورية (25 آذار) لم تعد تتجاوز 40 يوما بدءاً من اليوم. وهذا يعني أن موعد 25 آذار بات ضاغطاً على إنجاز الاستحقاق الحكومي، لأنه إعتباراً من هذا التاريخ تصبح ورقة الرئاسة في يد رئيس المجلس، ويصبح قادرا على توجيه الدعوة إلى إنتخاب رئيس في أي لحظة، وليس بالضرورة أن ينتظر حتى الخامس عشر من أيار حيث يتحول المجلس النيابي حكماً هيئة ناخبة من دون دعوة من رئيسه.
النهار

إرسال تعليق

 
Top