كتب خليل حلو - شكلت العملية الإنتحارية في الشويفات أمس الحدث
الأبرز، ودفعت إلى التفكير والتأمل وطرح الأسئلة الكثيرة، مثلاً: ما هي أهداف
الأطراف الذين يرسلون هؤلاء الإنتحاريين؟ هل إنهم فعلاً يقتلون في سبيل القتل، أم
لأهداف أخرى؟ هل الأسباب هي دينية عقائدية أم سياسية أم الإثنان معاً؟ إلى متى
ستستمر هذه الأعمال؟ ... إن الأجوبة على هذه الأسئلة ليست سهلة حتماً، كما أن ما
تتحفنا به وسائل الإعلام
الحزبية من أجوبة ساذجة وسطحية هي ذات أهداف سياسية أكثر مما هي موضوعية. لذلك
سنحاول اليوم، وفي الأيام المقبلة، إلقاء الضوء على غايات التنظيمات الجهادية في
العالم عموماً، وفي لبنان خصوصاً، إنطلاقاً من وقائع موضوعية في محاولة لفهم
المشكلة بأفضل ما يمكن، ومعالجتها.
نشأ التنظيم الأم لكل التنظيمات الجهادية في العالم، أي تنظيم "القاعدة" على أثر الغزو السوفياتي لأفغانستان في العام 1979، وبتشجيع من الولايات المتحدة والدول العربية، كونه كان الحل الوحيد لمواجهة السوفيات الذين بغزوهم في حينه إقتربوا كثيراً من مياه الخليج العربي ومن منابع النفط الإيرانية والعربية، وهذا ما كان يعتبر خطراً إستراتيجياً في كل من واشنطن والرياض وطهران. في ذلك الحين لم يكن الكونغرس ومجلس الشيوخ الإميركيين على إستعداد لتمويل أي عمل عسكري مباشر لمواجهة السوفيات في أفغانستان أو إرسال المارينز إلى هناك، كون ذاكرة حرب فيتنام كانت حاضرة بقوة، ولم تكن قابلية التدخل العسكري الأميركي في الخارج موجودة على الإطلاق. فاعتمد الأميركيون الحرب غير المباشرة مع السوفيات عن طريق المتطوعين العرب والمسلمين الذين دربوهم كما مولهم العرب وباركهم الإيرانيون لمقاتلة الروس، حيث انشأوا تنظيم القاعدة الذي نجح في طرد الإتحاد السوفياتي من أفغانستان في العام 1989. بعد هزيمة السوفيات، أدارت الولايات المتحدة ظهرها لهؤلاء المتطوعين العرب والمسلمين، وعندما أراد هؤلاء العودة إلى بلدانهم اصطدموا برفض هذه البلدان استقبالهم لأنها كانت ترى فيهم خطراً على أنظمتها مثل مصر والمملكة العربية السعودية وليبيا وسوريا وغيرها. إزاء هذا الواقع تولدت قناعة لدى قادة تنظيم "القاعدة" وعلى رأسهم أسامة بن لادن السعودي وأيمن الظواهري المصري بأن الأنظمة العربية فاسدة، وبأن إسقاطها بالقوة واجب مقدس، تماشياً مع تبنيهما لعقيدة إسلامية متشددة مبنية على فكر "سيد قطب" الذي يؤمن بالعنف لتحقيق العدالة. إقتنع قادة "القاعدة" أيضاً بأن الولايات المتحدة الأميركية حليفة هذه الأنظمة، هي التي تحميهم وتؤمن إستمراريتهم، كونها القوة العظمى الوحيدة في العالم. ولكنهم كانوا أيضاً مقتنعين بأن إيذاء الولايات المتحدة وضربها ممكنان جداً، كما فعلوا مع القوة العظمى الأخرى أي الإتحاد السوفياتي السابق من قبل، لا بل هزموه في أفغانستان. فقرروا عندها ضرب الولايات المتحدة في عقر دارها، فكانت عملية 11 أيلول 2001، حيث أملوا من خلالها إقناع الشعوب العربية والإسلامية بأن أميركا القوة العظمى يمكن إيذاؤها وضربها لا بل هزمها، وبالتالي يمكن ضرب وإسقاط الأنظمة العربية الفاسدة، وراهنوا بشكل خاص على أنه بعد 11 أيلول سيتمكنون من كسب تأييد الناس وعطفهم في العالم العربي، وتجنيدهم حول عقيدة إسلامية متشددة تؤمن بالعنف في سبيل إسقاط الأنظمة العربية وإحياء الخلافة الإسلامية لإحلال العدالة بين الناس.
كانت ردة الفعل على عملية 11 أيلول قاسية، فقامت الولايات المتحدة الأميركية بغزو أفغانستان، ولم يكن تأييد الشعوب العربية بالمستوى الذي تأمله كل من ابن لادن والظواهري، وبدأت واشنطن والعواصم العربية والإسلامية من الجزائر مروراً بالعالم العربي ووصولاً إلى باكستان وإندونيسيا وماليزيا بإعلان حرب طويلة وما زالت مستمرة إلى يومنا على تنظيم "القاعدة".
نشأ التنظيم الأم لكل التنظيمات الجهادية في العالم، أي تنظيم "القاعدة" على أثر الغزو السوفياتي لأفغانستان في العام 1979، وبتشجيع من الولايات المتحدة والدول العربية، كونه كان الحل الوحيد لمواجهة السوفيات الذين بغزوهم في حينه إقتربوا كثيراً من مياه الخليج العربي ومن منابع النفط الإيرانية والعربية، وهذا ما كان يعتبر خطراً إستراتيجياً في كل من واشنطن والرياض وطهران. في ذلك الحين لم يكن الكونغرس ومجلس الشيوخ الإميركيين على إستعداد لتمويل أي عمل عسكري مباشر لمواجهة السوفيات في أفغانستان أو إرسال المارينز إلى هناك، كون ذاكرة حرب فيتنام كانت حاضرة بقوة، ولم تكن قابلية التدخل العسكري الأميركي في الخارج موجودة على الإطلاق. فاعتمد الأميركيون الحرب غير المباشرة مع السوفيات عن طريق المتطوعين العرب والمسلمين الذين دربوهم كما مولهم العرب وباركهم الإيرانيون لمقاتلة الروس، حيث انشأوا تنظيم القاعدة الذي نجح في طرد الإتحاد السوفياتي من أفغانستان في العام 1989. بعد هزيمة السوفيات، أدارت الولايات المتحدة ظهرها لهؤلاء المتطوعين العرب والمسلمين، وعندما أراد هؤلاء العودة إلى بلدانهم اصطدموا برفض هذه البلدان استقبالهم لأنها كانت ترى فيهم خطراً على أنظمتها مثل مصر والمملكة العربية السعودية وليبيا وسوريا وغيرها. إزاء هذا الواقع تولدت قناعة لدى قادة تنظيم "القاعدة" وعلى رأسهم أسامة بن لادن السعودي وأيمن الظواهري المصري بأن الأنظمة العربية فاسدة، وبأن إسقاطها بالقوة واجب مقدس، تماشياً مع تبنيهما لعقيدة إسلامية متشددة مبنية على فكر "سيد قطب" الذي يؤمن بالعنف لتحقيق العدالة. إقتنع قادة "القاعدة" أيضاً بأن الولايات المتحدة الأميركية حليفة هذه الأنظمة، هي التي تحميهم وتؤمن إستمراريتهم، كونها القوة العظمى الوحيدة في العالم. ولكنهم كانوا أيضاً مقتنعين بأن إيذاء الولايات المتحدة وضربها ممكنان جداً، كما فعلوا مع القوة العظمى الأخرى أي الإتحاد السوفياتي السابق من قبل، لا بل هزموه في أفغانستان. فقرروا عندها ضرب الولايات المتحدة في عقر دارها، فكانت عملية 11 أيلول 2001، حيث أملوا من خلالها إقناع الشعوب العربية والإسلامية بأن أميركا القوة العظمى يمكن إيذاؤها وضربها لا بل هزمها، وبالتالي يمكن ضرب وإسقاط الأنظمة العربية الفاسدة، وراهنوا بشكل خاص على أنه بعد 11 أيلول سيتمكنون من كسب تأييد الناس وعطفهم في العالم العربي، وتجنيدهم حول عقيدة إسلامية متشددة تؤمن بالعنف في سبيل إسقاط الأنظمة العربية وإحياء الخلافة الإسلامية لإحلال العدالة بين الناس.
كانت ردة الفعل على عملية 11 أيلول قاسية، فقامت الولايات المتحدة الأميركية بغزو أفغانستان، ولم يكن تأييد الشعوب العربية بالمستوى الذي تأمله كل من ابن لادن والظواهري، وبدأت واشنطن والعواصم العربية والإسلامية من الجزائر مروراً بالعالم العربي ووصولاً إلى باكستان وإندونيسيا وماليزيا بإعلان حرب طويلة وما زالت مستمرة إلى يومنا على تنظيم "القاعدة".
لقد ألقينا الضوء على نشؤ تنظيم "القاعدة"، وقيامه بعملية
11 أيلول 2001، وما تبعها من غزو أميركي لأفغانستان، ومطاردة الأميركيين لزعماء
التنظيم المذكور والقضاء على الكثيرين منهم وتوقيف كثيرين آخرين، حيث فقدت قيادة
"القاعدة" قدرتها على التواصل العملاني مع مجموعاتها في العالم
وتحريكها، فانتقلت إلى أسلوب جديد في العمل يرتكز على نقطتين: الأولى اتباع
استرتيجية البقاء survival وتفادي الوقوع في
قبضة الأميركيين وتفادي ضرباتهم، والثانية إختيار زعماء محليين ينشؤون تنظيمات
رديفة "للقاعدة" في مختلف البلدان على أن تعمل هذه التنظيمات بشكل مستقل
عن بعضها وأن تتكل على مواردها الخاصة، وعلى أن يبقى عملها ضمن إيديولوجية القيادة
المركزية للتنظيم المتمثلة خاصة باسامة بن لادن وأيمن الظواهري.
وهكذا انتهى النشاط المركزي لتنظيم "القاعدة" في أفغانستان وبدأ نشاطه اللامركزي في دول أخرى ولا سيما العراق المحاصر من قبل المجتمع الدولي منذ العام 1991، فنشط التنظيم المذكور في بلاد ما بين النهرين، وكان ذلك أحد الأسباب غير المعلنة للغزو الأميركي للعراق بعد أقل من عامين لغزو أفغانستان، وفوراً بعد غزو العراق أنشأ المدعو أحمد فاضل الخلايله المعروف بأبي مصعب الزرقاوي الأردني الجنسية، تنظيماً في العراق اطلق عليه إسم "جماعة التوحيد والجهاد" لمحاربة الأميركيين هناك وأعلن ولائه للقاعدة، وسرعان ما عرف هذا التنظيم فيما بعد بـ"القاعدة في العراق" ثم تطورت تسميته إلى "الدولة الإسلامية في العراق" لتصبح فيما بعد "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش). وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذا التنظيم قد حظى بتسهيلات ودعم من قبل النظام السوري في حينه وفقاً لموقع The Guardian الإلكتروني الذي نشر في كانون الأول 2010 مقالاً عن إجتماع سرّي ضم ألأميركيين والسوريين حضره كل من مدير المخابرات العامة اللواء علي المملوك عن الجانب السوري، والمسؤول عن مكافحة الإرهاب دانيـيل بنجامين عن الجانب الأميركي، قبل عام من إنطلاقة الثورة السورية وفي وقت كانت القوات الأميركية ما زالت في العراق، أوضح الجانب الأميركي للجانب السوري خلال الاجتماع بأن نظام دمشق يسهل عبور المجاهدين القادمين من كافة البلدان ومن المخيمات الفلسطينية في لبنان ويوجههم إلى العراق لينضموا إلى مقاتلي أبي مصعب الزرقاوي لمحاربة القوات الأميركية. وما كان من الجانب السوري إلا أن أجاب بأن ذلك يدخل في إطار خرق تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق" في محاولة لتبرير الأمر الواقع.
وفي رسالة بعث بها أيمن الظواهري من مخبئه بين أفغانستان وباكستان للزرقاوي في العراق، أوضح فيها بشكل لا لبس فيه أهداف التنظيمات الجهادية عموماً، ووضع له خريطة طريق للدولة الإسلامية في العراق، حيث قال: "... إن انتصار الإسلام لن يحصل قبل نشؤ دولة إسلامية ... وتكون المرحلة الأولى لإنشائها طرد القوات الأميركية من العراق، والمرحلة الثانية تكون بإنشاء إمارة إسلامية ثم توسيعها إلى خلافة إسلامية، والمرحلة الثالثة تكون بمهاجمة الدول العربية المجاورة للعراق ولا سيما المملكة العربية السعودية والكويت وسوريا والأردن وضمها للخلافة الإسلامية، والمرحلة الرابعة والأخيرة تكون بإستعمال القوة المشتركة الناشئة عن الخلافة لمهاجمة إسرائيل" (إنتهت رسالة الظواهري للزرقاوي). أما النقطة الأساس التي يجب إلقاء الضوء عليها في هذه الرسالة، هي تلاقي الأهداف ما بين الظواهري والزرقاوي وطهران ونظام دمشق حول المرحلة الأولى من إنشاء الدولة الإسلامية، ألا وهي طرد الأميركيين من العراق، وهذا ما يفسر لماذا دعمت كل من إيران والنظام السوري تنظيم الزرقاوي منذ إنشائه في العام 2003 وحتى عشية إنطلاقة الثورة السورية في العام 2011.
وهكذا انتهى النشاط المركزي لتنظيم "القاعدة" في أفغانستان وبدأ نشاطه اللامركزي في دول أخرى ولا سيما العراق المحاصر من قبل المجتمع الدولي منذ العام 1991، فنشط التنظيم المذكور في بلاد ما بين النهرين، وكان ذلك أحد الأسباب غير المعلنة للغزو الأميركي للعراق بعد أقل من عامين لغزو أفغانستان، وفوراً بعد غزو العراق أنشأ المدعو أحمد فاضل الخلايله المعروف بأبي مصعب الزرقاوي الأردني الجنسية، تنظيماً في العراق اطلق عليه إسم "جماعة التوحيد والجهاد" لمحاربة الأميركيين هناك وأعلن ولائه للقاعدة، وسرعان ما عرف هذا التنظيم فيما بعد بـ"القاعدة في العراق" ثم تطورت تسميته إلى "الدولة الإسلامية في العراق" لتصبح فيما بعد "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش). وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذا التنظيم قد حظى بتسهيلات ودعم من قبل النظام السوري في حينه وفقاً لموقع The Guardian الإلكتروني الذي نشر في كانون الأول 2010 مقالاً عن إجتماع سرّي ضم ألأميركيين والسوريين حضره كل من مدير المخابرات العامة اللواء علي المملوك عن الجانب السوري، والمسؤول عن مكافحة الإرهاب دانيـيل بنجامين عن الجانب الأميركي، قبل عام من إنطلاقة الثورة السورية وفي وقت كانت القوات الأميركية ما زالت في العراق، أوضح الجانب الأميركي للجانب السوري خلال الاجتماع بأن نظام دمشق يسهل عبور المجاهدين القادمين من كافة البلدان ومن المخيمات الفلسطينية في لبنان ويوجههم إلى العراق لينضموا إلى مقاتلي أبي مصعب الزرقاوي لمحاربة القوات الأميركية. وما كان من الجانب السوري إلا أن أجاب بأن ذلك يدخل في إطار خرق تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق" في محاولة لتبرير الأمر الواقع.
وفي رسالة بعث بها أيمن الظواهري من مخبئه بين أفغانستان وباكستان للزرقاوي في العراق، أوضح فيها بشكل لا لبس فيه أهداف التنظيمات الجهادية عموماً، ووضع له خريطة طريق للدولة الإسلامية في العراق، حيث قال: "... إن انتصار الإسلام لن يحصل قبل نشؤ دولة إسلامية ... وتكون المرحلة الأولى لإنشائها طرد القوات الأميركية من العراق، والمرحلة الثانية تكون بإنشاء إمارة إسلامية ثم توسيعها إلى خلافة إسلامية، والمرحلة الثالثة تكون بمهاجمة الدول العربية المجاورة للعراق ولا سيما المملكة العربية السعودية والكويت وسوريا والأردن وضمها للخلافة الإسلامية، والمرحلة الرابعة والأخيرة تكون بإستعمال القوة المشتركة الناشئة عن الخلافة لمهاجمة إسرائيل" (إنتهت رسالة الظواهري للزرقاوي). أما النقطة الأساس التي يجب إلقاء الضوء عليها في هذه الرسالة، هي تلاقي الأهداف ما بين الظواهري والزرقاوي وطهران ونظام دمشق حول المرحلة الأولى من إنشاء الدولة الإسلامية، ألا وهي طرد الأميركيين من العراق، وهذا ما يفسر لماذا دعمت كل من إيران والنظام السوري تنظيم الزرقاوي منذ إنشائه في العام 2003 وحتى عشية إنطلاقة الثورة السورية في العام 2011.
إننا نحاول الإجابة على الكثير من التساؤلات المتعلقة بالتنظيمات
الجهادية، على أثر عملية الشويفات وما سبقها من عمليات مماثلة قام بها لبنانيون
انتحاريون، وقد تحدثنا في اليومين الماضيين عن نشؤ تنظيم "القاعدة"،
وعملية 11 أيلول 2001، وضرب الولايات المتحدة للتنظيم المذكور وشلـّه تماماً في
أفغانستان، بحيث إعتمد هناك استرتيجية البقاء
survival، ثم راح يؤسس
تنظيمات رديفة له في مختلف البلدان، ومنها العراق حيث أنشأ أبو مصعب الزرقاوي
"الدولة الإسلامية في العراق" الذي أصبح فيما بعد في العام 2013
"الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش).
وبالعودة إلى عقيدة هذه التنظيمات المنبثقة من "القاعدة" فإن أهدافها واضحة كما ذكرنا، ألا وهي إنشاء إمارة أو إمارات إسلامية تطبق فيها المبادئ الجهادية، وتكون هذه الإمارة قاعدة إنطلاق للتوسع وإحتلال البلدان والأراضي المجاورة، وتحديداً كافة البلدان العربية بعد إسقاط أنظمتها، بهدف ضمها للإمارة وإعادة إحياء الخلافة الإسلامية، وهناك بعض المنظرين الجهاديين الذين يقولون بأن الخلافة الإسلامية يجب أن تشمل كافة الأراضي الممتدة من الفيليبين شرقاً حتى الأندلس غرباً.
إعتمد تنظيم "القاعدة" منذ أن هزم السوفيات في أفغانستان الإرهاب كوسيلة لتحقيق أهدافه، تماشياً مع أفكار منظره أيمن الظواهري تلميذ سيد قطب. نشير هنا ونذكـّر بأن إعتماد الإرهاب كوسيلة لبلوغ أهداف سياسية وعقائدية، لم يبدأ مع التنظيمات الجهادية الإسلامية، بل إعتمدته من قبلها التنظيمات العقائدية اليسارية واليمينية المتطرفة، وكذلك على سبيل المثال لا الحصر نظام ستالين في الإتحاد السوفياتي السابق، ونظام بينوشيه اليميني المتطرف في التشيلي، ونظام تشاوتشيسكو في رومانيا.
إعتمد أبو بكر البغدادي خليفة أبو مصعب الزرقاوي، ورئيس تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق"، إستراتيجية إنشاء الإمارة في العراق ثم إنطلق منها إلى سوريا لتوسيعها تمهيداً لإحياء الخلافة. وسخرية القدر هي بانه في بدايات هذا التنظيم، وقبل انطلاق الثورة السورية، كان الدعم يأتيه من سوريا وعن طريقها، أما اليوم فإن دعم الجهاديين في سوريا يأتي من الإتجاه المعاكس. إستفاد أبو بكر البغدادي من إنطلاق الثورة السورية في العام 2011، لينقل قسم من مجاهديه إلى بلاد الشام، وغير إسم تنظيمه ليصبح "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، وانخرط في القتال ضد جيش النظام السوري وحتى ضد بعض مكونات الثورة السورية، ولكنه اصطدم أيضاً بمشكلة وجود تنظيم آخر مرتبط بتنظيم "القاعدة" في سوريا وهو "جبهة النصرة".
ففي كانون الثاني 2012، أي بعد عام كامل من إنطلاق الثورة السورية، أعلن المدعو أبو محمد الجولاني عن إنشاء "جبهة النصرة" في سوريا ودعا إلى الجهاد ضد نظام الأسد. ووفقاً للاسماء التي يتخذها زعماء التنظيمات الجهادية المرتبطة بتنظيم "القاعدة"، فإن أبا محمد الجولاني هو سوري الجنسية ومن الجولان تحديداً ولكن المعلومات المتوفرة عنه قليلة جداً. وقد تميزت "جبهة النصرة" بعملياتها العسكرية النوعية ضد جيش النظام السوري كما تميزت بتعاملها اللين مع التنظيمات المتعددة التي تتكون منها الثورة السورية، وكذلك لم تكن ممارساتها مع المواطنين السوريين القاطنين في مناطق تواجدها شبيهة بممارسات داعش. وتنطق باسم "جبهة النصرة" في سوريا مؤسسة "المنارة البيضاء للإنتاج الإعلامي"حصراً. وفي أوائل شباط 2012 أطلق زعيم تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري دعوة إلى الجهاد في سوريا من خلال شريط مسجل قال فيه : " لقد هب الشعب السوري المجاهد الباسل ولن يقبل بأقل من النصر على الجزارين المجرمين ليقيم في الشام ... دولة تحمي حمى الإسلام ... يا أهلنا في سوريا لا تعتمدوا على الجامعة العربية وحكوماتها التابعة الفاسدة ... على كل مسلم وكل شريف حر في تركيا والعراق والأردن ولبنان أن يهب لنصرة إخوانه في سوريا بكل ما يملك". ومنذ ذلك الحين راحت المواقع الإلكترونية التابعة لتنظيم "القاعدة" تؤيد علناً وحصرياً "جبهة النصرة" مما يدل على الترابط العضوي بين التنظيمين.
وبالعودة إلى عقيدة هذه التنظيمات المنبثقة من "القاعدة" فإن أهدافها واضحة كما ذكرنا، ألا وهي إنشاء إمارة أو إمارات إسلامية تطبق فيها المبادئ الجهادية، وتكون هذه الإمارة قاعدة إنطلاق للتوسع وإحتلال البلدان والأراضي المجاورة، وتحديداً كافة البلدان العربية بعد إسقاط أنظمتها، بهدف ضمها للإمارة وإعادة إحياء الخلافة الإسلامية، وهناك بعض المنظرين الجهاديين الذين يقولون بأن الخلافة الإسلامية يجب أن تشمل كافة الأراضي الممتدة من الفيليبين شرقاً حتى الأندلس غرباً.
إعتمد تنظيم "القاعدة" منذ أن هزم السوفيات في أفغانستان الإرهاب كوسيلة لتحقيق أهدافه، تماشياً مع أفكار منظره أيمن الظواهري تلميذ سيد قطب. نشير هنا ونذكـّر بأن إعتماد الإرهاب كوسيلة لبلوغ أهداف سياسية وعقائدية، لم يبدأ مع التنظيمات الجهادية الإسلامية، بل إعتمدته من قبلها التنظيمات العقائدية اليسارية واليمينية المتطرفة، وكذلك على سبيل المثال لا الحصر نظام ستالين في الإتحاد السوفياتي السابق، ونظام بينوشيه اليميني المتطرف في التشيلي، ونظام تشاوتشيسكو في رومانيا.
إعتمد أبو بكر البغدادي خليفة أبو مصعب الزرقاوي، ورئيس تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق"، إستراتيجية إنشاء الإمارة في العراق ثم إنطلق منها إلى سوريا لتوسيعها تمهيداً لإحياء الخلافة. وسخرية القدر هي بانه في بدايات هذا التنظيم، وقبل انطلاق الثورة السورية، كان الدعم يأتيه من سوريا وعن طريقها، أما اليوم فإن دعم الجهاديين في سوريا يأتي من الإتجاه المعاكس. إستفاد أبو بكر البغدادي من إنطلاق الثورة السورية في العام 2011، لينقل قسم من مجاهديه إلى بلاد الشام، وغير إسم تنظيمه ليصبح "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، وانخرط في القتال ضد جيش النظام السوري وحتى ضد بعض مكونات الثورة السورية، ولكنه اصطدم أيضاً بمشكلة وجود تنظيم آخر مرتبط بتنظيم "القاعدة" في سوريا وهو "جبهة النصرة".
ففي كانون الثاني 2012، أي بعد عام كامل من إنطلاق الثورة السورية، أعلن المدعو أبو محمد الجولاني عن إنشاء "جبهة النصرة" في سوريا ودعا إلى الجهاد ضد نظام الأسد. ووفقاً للاسماء التي يتخذها زعماء التنظيمات الجهادية المرتبطة بتنظيم "القاعدة"، فإن أبا محمد الجولاني هو سوري الجنسية ومن الجولان تحديداً ولكن المعلومات المتوفرة عنه قليلة جداً. وقد تميزت "جبهة النصرة" بعملياتها العسكرية النوعية ضد جيش النظام السوري كما تميزت بتعاملها اللين مع التنظيمات المتعددة التي تتكون منها الثورة السورية، وكذلك لم تكن ممارساتها مع المواطنين السوريين القاطنين في مناطق تواجدها شبيهة بممارسات داعش. وتنطق باسم "جبهة النصرة" في سوريا مؤسسة "المنارة البيضاء للإنتاج الإعلامي"حصراً. وفي أوائل شباط 2012 أطلق زعيم تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري دعوة إلى الجهاد في سوريا من خلال شريط مسجل قال فيه : " لقد هب الشعب السوري المجاهد الباسل ولن يقبل بأقل من النصر على الجزارين المجرمين ليقيم في الشام ... دولة تحمي حمى الإسلام ... يا أهلنا في سوريا لا تعتمدوا على الجامعة العربية وحكوماتها التابعة الفاسدة ... على كل مسلم وكل شريف حر في تركيا والعراق والأردن ولبنان أن يهب لنصرة إخوانه في سوريا بكل ما يملك". ومنذ ذلك الحين راحت المواقع الإلكترونية التابعة لتنظيم "القاعدة" تؤيد علناً وحصرياً "جبهة النصرة" مما يدل على الترابط العضوي بين التنظيمين.
في الحلقات السابقة ألقينا الضوء على نشوء تنظيم "القاعدة"،
حيث شجعت كل من الولايات المتحدة والدول العربية الخليجية وإيران على تنامي قوته
بهدف مواجهة السوفيات في أفغانستان، ثم بعد طرد هؤلاء من هناك، كيف أدار العرب
والولايات المتحدة ظهرهم لهذا التنظيم ومنعوا زعمائه وكوادره من العودة إلى
بلدانهم، وكيف قررت "القاعدة" إعتماد الإرهاب كوسيلة لتحقيق أهدافها الكبيرة، ألا وهي قلب الأنظمة
العربية التي تعتبرها فاسدة وإحياء الخلافة الإسلامية من الفيليبين إلى المغرب.
ويعنى هنا بالإرهاب إستعمال القوة المفرطة ضد أهداف سهلة وخالية من أية حماية
فعالة، وهذا ما يعتبره تنظيم "القاعدة" مشروعاً، كما إعتبرته من قبله في
القرن الماضي التنظيمات اليسارية المتطرفة مثل "الألوية الحمراء" الإيطالية
و"بادر ماينهوف" الألمانية، والإنظمة الدكتاتورية اليمينية المتطرفة مثل
بعض أنظمة أميركا اللاتينية، والأنظمة الشيوعية مثل نظامي تشاوتشيسكو وستالين ألخ
... .
منذ ردة الفعل الأميركية والعالمية على عملية 11 أيلول 2001، إعتمد تنظيم "القاعدة" إستراتيجية البقاء، وفقد سيطرته المباشرة على مجموعاته في العالم، وشجع زعيماه أسامة بن لادن، ثم بعد مقتل هذا الأخير على يد القوات الخاصة الإميركية، أيمن الظواهري، على تأسيس تنظيمات رديفة في العالم مرتبطة عقائدياً ولكن ليس عملانياً بـ"القاعدة"، تعتمد نفس الأهداف والأساليب وأبرز هذه التنظيمات هي "القاعدة في الجزيرة العربية" الناشط في اليمن والمملكة العربية السعودية ودول الخليج، و"القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" الناشط في الجزائر والصحراء الغربية ومالي والنيجر والتشاد ... و"حركة الشباب المجاهدين" في الصومال، و"بوكو حرام" في نيجيريا، و"شبكة حقاني" في أفغانستان وباكستان، و"أنصار الشريعة" في تونس، و"أنصار بيت المقدس" في مصر، و"جبهة النصرة لأهل الشام" في سوريا، و"الدولة الإسلامية في العراق والشام" في العراق وسوريا.
إن ما يجب إلقاء الضوء عليه لجلاء تطور الأوضاع في العالم العربي والإسلامي هو بأن إندلاع الربيع العربي في العام 2011 كان نتيجة تحركات شعبية لليبراليين في العالم العربي ولا سيما في تونس ومصر وليبيا وسوريا، وقد سقط كل من نظامي بن علي في تونس وحسني مبارك في مصر بفضل الجيشين التونسي والمصري اللذين وقفا إلى جانب المتظاهرين الذين كانوا باكثريتهم الساحقة من الليبراليين في كلا البلدين، أما في ليبيا فكان الربيع الليبي اشبه بحرب قبائل وخاصة بين شرقي وغربي البلاد حيث تدخل الغرب بقوة لإسقاط نظام القذافي. أما في سوريا فقد بدأت الثورة في الـ2011 بعام كامل من التظاهرات من قبل مدنيين غير مسلحين يطالبون بإصلاحات وبالحرية، فقوبلوا بالقوة العسكرية المادية، ثم تطورت الثورة إلى تمرد وإنشقاقات في الجيش، فظهور ميليشيات وتنظيمات بدات قتالاً ضد النظام خلال العام الثاني من الثورة وفي آخر المطاف، إستفاد تنظيم "القاعدة" من الحرب الدائرة في سوريا لتأسيس تنظيمه الرديف الأول إي "جبهة النصرة لأهل الشام" كما استفاد من قبل من حصار العراق في أوائل القرن الحالي وبعد عملية 11 أيلول، لتأسيس خلاياه فيه التي تطورت فيما بعد لتصبح "الدولة الإسلامية في العراق" والتي شنت حرب عصابات على القوات الأميركية. كذلك لم تظهر التنظيمات الرديفة لـ"القاعدة" في تونس ومصر وليبيا إلا بعد إندلاع الثورات وفي وسط فوضى أمنية وسياسية وعقائدية إستفادت منها هذه التنظيمات لزرع أفكارها بين المواطنين، لدرجة أنها خطفت أضواء الإعلام، لا بل ذهبت إلى حد خطف الثورات بحد ذاتها وتشويهها ومحاولة مصادرتها، وهذا ما هو بارز جداً في سوريا، حيث يركز النظام السوري على هذه التنظيمات ولا سيما داعش والنصرة، التي تخدم مصالحه إلى حد بعيد، لتبرير أفعاله واستمراريته.
منذ ردة الفعل الأميركية والعالمية على عملية 11 أيلول 2001، إعتمد تنظيم "القاعدة" إستراتيجية البقاء، وفقد سيطرته المباشرة على مجموعاته في العالم، وشجع زعيماه أسامة بن لادن، ثم بعد مقتل هذا الأخير على يد القوات الخاصة الإميركية، أيمن الظواهري، على تأسيس تنظيمات رديفة في العالم مرتبطة عقائدياً ولكن ليس عملانياً بـ"القاعدة"، تعتمد نفس الأهداف والأساليب وأبرز هذه التنظيمات هي "القاعدة في الجزيرة العربية" الناشط في اليمن والمملكة العربية السعودية ودول الخليج، و"القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" الناشط في الجزائر والصحراء الغربية ومالي والنيجر والتشاد ... و"حركة الشباب المجاهدين" في الصومال، و"بوكو حرام" في نيجيريا، و"شبكة حقاني" في أفغانستان وباكستان، و"أنصار الشريعة" في تونس، و"أنصار بيت المقدس" في مصر، و"جبهة النصرة لأهل الشام" في سوريا، و"الدولة الإسلامية في العراق والشام" في العراق وسوريا.
إن ما يجب إلقاء الضوء عليه لجلاء تطور الأوضاع في العالم العربي والإسلامي هو بأن إندلاع الربيع العربي في العام 2011 كان نتيجة تحركات شعبية لليبراليين في العالم العربي ولا سيما في تونس ومصر وليبيا وسوريا، وقد سقط كل من نظامي بن علي في تونس وحسني مبارك في مصر بفضل الجيشين التونسي والمصري اللذين وقفا إلى جانب المتظاهرين الذين كانوا باكثريتهم الساحقة من الليبراليين في كلا البلدين، أما في ليبيا فكان الربيع الليبي اشبه بحرب قبائل وخاصة بين شرقي وغربي البلاد حيث تدخل الغرب بقوة لإسقاط نظام القذافي. أما في سوريا فقد بدأت الثورة في الـ2011 بعام كامل من التظاهرات من قبل مدنيين غير مسلحين يطالبون بإصلاحات وبالحرية، فقوبلوا بالقوة العسكرية المادية، ثم تطورت الثورة إلى تمرد وإنشقاقات في الجيش، فظهور ميليشيات وتنظيمات بدات قتالاً ضد النظام خلال العام الثاني من الثورة وفي آخر المطاف، إستفاد تنظيم "القاعدة" من الحرب الدائرة في سوريا لتأسيس تنظيمه الرديف الأول إي "جبهة النصرة لأهل الشام" كما استفاد من قبل من حصار العراق في أوائل القرن الحالي وبعد عملية 11 أيلول، لتأسيس خلاياه فيه التي تطورت فيما بعد لتصبح "الدولة الإسلامية في العراق" والتي شنت حرب عصابات على القوات الأميركية. كذلك لم تظهر التنظيمات الرديفة لـ"القاعدة" في تونس ومصر وليبيا إلا بعد إندلاع الثورات وفي وسط فوضى أمنية وسياسية وعقائدية إستفادت منها هذه التنظيمات لزرع أفكارها بين المواطنين، لدرجة أنها خطفت أضواء الإعلام، لا بل ذهبت إلى حد خطف الثورات بحد ذاتها وتشويهها ومحاولة مصادرتها، وهذا ما هو بارز جداً في سوريا، حيث يركز النظام السوري على هذه التنظيمات ولا سيما داعش والنصرة، التي تخدم مصالحه إلى حد بعيد، لتبرير أفعاله واستمراريته.
منذ ضرب تنظيم "القاعدة" في أفغانستان في العام 2001 إنبثق
عنه أكثر من 11 تنظيماً رديفاً ينشطون في أكثر من 17 بلداً، منهم من يحصر نشاطه في
بلد المنشأ مثل "حركة الشباب المجاهدين" في الصومال و"بوكو
حرام" في نيجيريا، ومنهم من تتجاوز نشاطاته بلد المنشأ ليشمل بلداناً أخرى
مثل "جبهة النصرة لأهل الشام" التي تعمل في كل من سوريا ولبنان و"الدولة الإسلامية في العراق والشام" التي تعمل
في كل من العراق وسوريا ولبنان. وقد أوضحنا بأن هدف هذه التنظيمات هو ليس ضرب
أهداف سهلة غير محمية بحد ذاته كما يظن البعض، وهو ما يسمى عرفاً بالإرهاب، بل
إستعمال الإرهاب كوسيلة لتحقيق غاية أسمى كما يعتقد ويؤمن أعضاء هذه التنظيمات،
ألا وهي إحياء الخلافة الإسلامية من الفيليبين إلى المغرب، وقد أشرنا أكثر من مرّة
بأن صفة الإرهاب التي تلازم هذه التنظيمات، هي ليست حكراً عليها بل استعمل الإرهاب
من قبل، لكسر إرادة الشعوب، من قبل تنظيمات متطرفة يسارية ويمينية، ومن قبل دولاً
مثل ليبيا القذافي وسوريا الأسد وإيران الخميني، لتحقيق غايات سياسية وقلما نجح
بذلك، بل غالباً ما كانت نتيجة الإرهاب، ردات فعل عنيفة من قبل شعوب ودول جعلت
تحقيق أهداف التنظيمات التي اعتمدت الإرهاب مستحيلاً.
وبالعودة إلى الأحداث منذ نشؤ تنظيم "القاعدة" والتنظيمات الرديفة له، فقد تم إستغلالها من قبل دول تبدو للوهلة الأولى على عداوة شرسة معها، وبالفعل فقد إستغلت إيران تنظيم "القاعدة" ومشتقاته، ودعمتهم وقدمت لهم الملاذات الآمنة والتسهيلات العملانية، عندما كانوا يستهدفون القوات الأميركية في العراق وأفغانستان، وعنما كانوا يستهدفون كل من المملكة العربية السعودية والكويت واليمن ومصر والأردن ... إذ إن إستراتيجية إيران وبحسب المحللين تقوم على العداء لأميركا، وإضعاف العالم العربي لإبقائه منشغلاً عن مهاجمتها، كما فعل الرئيس صدام حسين في ثمانينات القرن الماضي عندما شن هجوماً على إيران وأشعل حرباً ضدها دامت عقداً كاملاً وخلفت أكثر من مليون قتيل بحسب المصادر ... . لقد تم إستغلال هذه التنظيمات أيضاً وتشجيعها من قبل بعض الحكومات الغربية، مثل التنظيمات الناشطة في الكوكاز جنوبي روسيا، كما استغلت هذه الحكومات تنظيم "القاعدة" نفسه ضد الإتحاد السوفياتي السابق أثناء إحتلاله لأفغانستان. وأخيراً في العقد الأول من هذا القرن، سهل النظام السوري إنتقال الجهاديين من لبنان إلى العراق، وتحديداً من المخيمات الفلسطينية التي يسهل فيها تجنيد شباناً يائسين من وضعهم الكياني والإجتماعي، وإقناعهم بأهداف تبدو لهم نبيلة للوهلة الأولى، كما يسهل إقناعهم بأن ضرب الأهداف المدنية غير المحمية هي وسيلة تبرر الغاية، تماشياً مع العقيدة المكيافيلية. من جهة أخرى ساعد النظام السوري على إنشاء "الدولة الإسلامية في العراق" بعد الغزو الأميركي والذي أصبح فيما بعد "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) وإستثمره عندما كان يقاتل القوات الأميركية.
عميد صيدلي متقاعد
إرسال تعليق