0
كتب بشارة خيرالله - كثر الحديث عن ميثاقية الحكومة فيما لو اجتمع العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع على مقاطعتها، حتى لو كان لكلّ من القطبين المسيحيين البارزين أسبابه، ليُطرح السؤال الأبرز: لماذا رفض كل منهما المشاركة وهل هناك خلل ميثاقي إن لم يشاركا؟


فالكلّ يعلم أن رئيس حزب "القوات" ما زال يرفض المشاركة التزاماً بمبدأ عدم الجلوس مع "حزب الله" في حكومة واحدة قبل انسحابه من سوريا، والكلّ يعرف أيضاً أن رفض العماد ميشال عون بات ينحصر تحديداً بوزارة الطاقة كما عاد وأكّد بالأمس الوزير في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، الذي اعتبر أن اخراجه من الوزارة سيكون بمثابة انتكاسة للمسيحيين ولا يجوز لإبن صائب سلام أن يضرب طائفة بأكملها بهذا الشكل. حسناً، ماذا لو ذهب الرئيس المكلف إلى تسمية مسيحي آخر لتلك الوزارة وعلى سبيل المثال لا الحصر، ماذا لو أسندها لأي مسيحي أرثوذكسي ينتمي أو لا ينتمي للتيار الوطني الحر، أم لمسيحي ماروني كتائبي لو سلمنا جدلاً أن لحزب الكتائب حقيبة مارونية، أم أنه وجب عدم تطبيق مبدأ المداورة كرمى لعيون "المسيحي الأوحد"؟
والسؤال الآخر الذي يُطرح، ما الفرق بين حكومة يقاطعها عون وجعجع ويشترك فيها الجميل وغيره من المستقلين غير الحزبيين، وبين الحكومة الحالية التي قاطعها الممثل الأوحد للطائفة السنية سعد الحريري ولم تُصب الميثاقية بأي عطب لحظة دخول الرئيس ميقاتي والوزراء محمد الصفدي وأحمد كرامي وفيصل كرامي؟
أيضاً وأيضاً، ماذا عن توقيع رئيس الجمهورية الساهر على الدستور، هذا الرئيس الذي يتمهل في فرض الحكومة "الجامعة بمن حضر" إرضاءً للجميع، ولكن في النهاية للصبر الرئاسي حدود ولا بد من حكومة تتحمل مسؤوليتها على الصعيدين الإقتصادي والأمني لتأمين الحد الأدنى من الاستقرار والتمثيل بدلاً من ترك البلاد لحكومة اللون الواحد المستقيلة وترك الاقتصاد اللبناني لقدره البائس؟.
المطلوب اليوم حكومة جامعة، وحسناً فعل الرئيس سعد الحريري في قرار المشاركة فيها سعياً منه الى تأمين الحد الأدنى من شؤون وشجون الناس قبل إدخال البلاد في الفراغ لأن الوقت بات عدوّ الجميع.
وهنا أيضاً لا بدّ من الاستفادة من الجو الإقليمي العام عشية انعقاد مؤتمر "جنيف 2" الذي يساهم في تشكيل مظلة دولية قد تساعد في ولادة هذه الحكومة، وإلا فمن يتحمل مسؤولية فرط عقدها في حال كانت الحجة "ميثاقية"، والسبب الحقيقي أمر عمليات إيراني رداً على عدم إشراكه في "الطائف" السوري؟
المطلوب اليوم من "حزب الله" أن يعقل ويتوكل ويلعب دور الإطفائي بين حليفه المسيحي وحليفه الشيعي قبل فوات الأوان، لعلها الفرصة الأبرز لتجنيب لبنان المزيد من الأخطار الآتية من خارج الحدود على مسافة أشهر قليلة من نهاية العهد الرئاسي الذي برهن من خلاله الرئيس سليمان أن القوة ليست بالصواريخ ولا بالجيوش الجرارة ولا بغير ذلك، وهي تكمن حصراً وفقاً لتجربة الرئيس سليمان بالإرادة الصلبة للعبور بلبنان وتحييده عن النار المشتعلة والتي من شأنها لو تحكمت بالداخل اللبناني، أن تحرق أخضر المجلس النيابي ويابس الحكومة.
باختصار: "نعم للحكومة الجامعة يا فخامة الرئيس ويا دولة الرئيس المكلف وفقاً للصلاحيات الدستورية المعطاة لكما حصراً، وبمن حضر"، قبل إدخال البلاد في مرحلة البكاء وصرير الأسنان.

كاتب وناشط سياسي - ناشر موقع ليبانون تايم



إرسال تعليق

 
Top