كتب بشارة خيرالله - "إذا أردت أن تعرف ماذا في لبنان، عليك أن تعرف ماذا في جنيف 2". هي المعادلة التي اشتهر بها الكوميديان السوريّ نهاد قلعي (حسني أفندي البرزان) في مسلسل "صح النوم".
معادلة زمن سوريا الجميل، تصلح لهذا الزمان أيضاً على أنقاض الأيام التي ذهبت وقد لا تعود، لكن مصير لبنان كان ولم يزل، رهينة للعبة "خلط الأوراق" القديمة الجديدة في المنطقة، ليس آخرها المؤتمر العتيد بمن يحضره ومن لا يحضر مقاطعاً أو غير مدعو. فهناك "أصل الحكاية" وكلّها.
وبمعزل عن الخطأ في ترجمة ما قاله السفير الفرنسي في ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي، تجهد "الأم الحنون" على أكثر من صعيد وتقاطع، والهدف دائماً "عدم إيقاع بعبدا في الفراغ"، ما يعني العمل لتأمين حصول الانتخاب، وعدم امتناع أي نائب عن حضور الجلسة الأهم، وإلا فالتجديد أو التمديد منعاً للفراغ، وهذا ما يصطدم برفض الرئيس سليمان القاطِع على قاعدة "أن المجلس القادِر على الانعقاد بنصاب الثلثين بهدف التجديد أو التمديد، يتوجب عليه انتخاب رئيس جديد".
يُدرك الرئيس سليمان أن التاريخ ليس ثرثاراً، ويعلم تماماً أن ما لم يستطع تحقيقه طيلة فترة مضت، "تارةً بسبب الظروف الإقليمية المحيطة والمتداخلة، وتارةً أخرى بسبب العراقيل التي وضعت لعرقلة مساره كان آخرها شيطنة إعلان بعبدا ومحاولة التقليل من أهميته لحماية لبنان"، لن يستطيع انجازه بتمديد أو تجديد سيأتيان عليه بالهجوم تلوَ الهجوم والمزيد من رفع الأصابع وإطلاق العنان لعدد غير قليل من الأبواق والهواة والمرتزقة والشتامين الصغار.
يوماً بعد يوم وموقفاً بعد موقف، يُصعِّب سليمان المهمة على الرئيس العتيد (إن أتى) وعلى نفسه في حال غلبته الضرورة الوطنية وأرغمته على البقاء بشرط تأمين الحد الأدنى من عدة الشغل الرئاسي (صفّارة الحَكَم)، وهذا ما يحتاج إلى التقاء أميركي روسي سعودي إيراني فرنسي، على فكرة وحيدة مفادها عدم جرّ لبنان إلى الإنفجار الكبير، وما "النقطة على السطر" التي وضعها بالأمس من على منبر بكركي إلا الدليل القاطِع على التجنّي الذي يتعرض له الرجل الإستثنائي عن غير وجه حقّ. نقطة فاصلة ما بين ما سبق له أن أعلن من مواقف، وما سيقوله بعد غد في حضرة الإعلاميين المعتمدين في بعبدا.
فلو راجع "حزب الله" حساباته جيداً، لوجد أن الحملة التي شنّها بالمباشر أو بالواسطة على رأس الدولة، ليست في مكانها ولا هي مُحقّة ولا تمت لكلّ ما هو دستوري أو سيادي أو ميثاقي بصلة. فالساهر على حماية الدستور يعرف صلاحياته جيداً ويُجيد تفسير المادة 53 كما غيرها من المواد، ويعرف أيضاً أن حماية لبنان تبدأ في تحييده عن النار السورية التي تأكل أخضر لبنان ويابسه فيما لو تُركت من دون حصار.
وعن الاتهام الجديد القديم بأن صاحب المواقف السيادية غير العادية، يدين للنظام السوري بتعيينه قائداً للجيش سنة 1998، يُدرك "حزب الله" ومن يحالفه ومن يخاصمه حتى، أن "تعيير" سليمان كما غيره من أصحاب المواقف الإستقلالية، لا يعدو كونه فشّة خلق إعلامية شعبوية، تطال كلّ من أراد تغليب مصلحة لبنان على غيرها من المصالح حتى لو كانت ذاتية، ولو أراد الرئيس سليمان تغليب مصلحته الشخصية على حساب مصلحة لبنان، لغيّر خطابه وبعض المصطلحات وضمن لنفسه "وِدّ الممانعة" على حساب "لبننة الخيار". هذا الرئيس الذي يجب أن يُحاسب على كيفية ممارسته وليس على ظروف تعيينه، التي يعلمها الجميع.
وبما أن الشيء بالشيء يُذكر، لا بدّ من العودة بالذاكرة إلى أشهر مضت، لنُدرِك أن الكلمة الفصل في عدم وصول مُرشّح العماد عون لقيادة الجيش، كانت لحلفاء النظام السوري في لبنان. هؤلاء أنفسهم الذين هبّ نشاطهم التعييري للجنرال عون نفسه قبل أن يُصبح حليفهم، يوم دأبت ماكيناتهم على نعته بالحالة الإسرائيلية لحظة أراد "تكسير رأس الأسد"، فنال نصيبه من تخوين هؤلاء. ففي العام 1984 ما كان لرئيس أن يجرؤ على تعيين قائد جيش في لبنان، إلا بطلب مباشر من الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، الذي بارَك الإطاحة بالعماد الراحل ابراهيم طنوس، ليخلفه العماد ميشال عون رغماً عن إرادة كثيرين، كان أبرزهم أبو عمار، وليد جنبلاط ونبيه بري... وللبحث تتمة.
المستقبل - 27 كانون الاول 2013
معادلة زمن سوريا الجميل، تصلح لهذا الزمان أيضاً على أنقاض الأيام التي ذهبت وقد لا تعود، لكن مصير لبنان كان ولم يزل، رهينة للعبة "خلط الأوراق" القديمة الجديدة في المنطقة، ليس آخرها المؤتمر العتيد بمن يحضره ومن لا يحضر مقاطعاً أو غير مدعو. فهناك "أصل الحكاية" وكلّها.
وبمعزل عن الخطأ في ترجمة ما قاله السفير الفرنسي في ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي، تجهد "الأم الحنون" على أكثر من صعيد وتقاطع، والهدف دائماً "عدم إيقاع بعبدا في الفراغ"، ما يعني العمل لتأمين حصول الانتخاب، وعدم امتناع أي نائب عن حضور الجلسة الأهم، وإلا فالتجديد أو التمديد منعاً للفراغ، وهذا ما يصطدم برفض الرئيس سليمان القاطِع على قاعدة "أن المجلس القادِر على الانعقاد بنصاب الثلثين بهدف التجديد أو التمديد، يتوجب عليه انتخاب رئيس جديد".
يُدرك الرئيس سليمان أن التاريخ ليس ثرثاراً، ويعلم تماماً أن ما لم يستطع تحقيقه طيلة فترة مضت، "تارةً بسبب الظروف الإقليمية المحيطة والمتداخلة، وتارةً أخرى بسبب العراقيل التي وضعت لعرقلة مساره كان آخرها شيطنة إعلان بعبدا ومحاولة التقليل من أهميته لحماية لبنان"، لن يستطيع انجازه بتمديد أو تجديد سيأتيان عليه بالهجوم تلوَ الهجوم والمزيد من رفع الأصابع وإطلاق العنان لعدد غير قليل من الأبواق والهواة والمرتزقة والشتامين الصغار.
يوماً بعد يوم وموقفاً بعد موقف، يُصعِّب سليمان المهمة على الرئيس العتيد (إن أتى) وعلى نفسه في حال غلبته الضرورة الوطنية وأرغمته على البقاء بشرط تأمين الحد الأدنى من عدة الشغل الرئاسي (صفّارة الحَكَم)، وهذا ما يحتاج إلى التقاء أميركي روسي سعودي إيراني فرنسي، على فكرة وحيدة مفادها عدم جرّ لبنان إلى الإنفجار الكبير، وما "النقطة على السطر" التي وضعها بالأمس من على منبر بكركي إلا الدليل القاطِع على التجنّي الذي يتعرض له الرجل الإستثنائي عن غير وجه حقّ. نقطة فاصلة ما بين ما سبق له أن أعلن من مواقف، وما سيقوله بعد غد في حضرة الإعلاميين المعتمدين في بعبدا.
فلو راجع "حزب الله" حساباته جيداً، لوجد أن الحملة التي شنّها بالمباشر أو بالواسطة على رأس الدولة، ليست في مكانها ولا هي مُحقّة ولا تمت لكلّ ما هو دستوري أو سيادي أو ميثاقي بصلة. فالساهر على حماية الدستور يعرف صلاحياته جيداً ويُجيد تفسير المادة 53 كما غيرها من المواد، ويعرف أيضاً أن حماية لبنان تبدأ في تحييده عن النار السورية التي تأكل أخضر لبنان ويابسه فيما لو تُركت من دون حصار.
وعن الاتهام الجديد القديم بأن صاحب المواقف السيادية غير العادية، يدين للنظام السوري بتعيينه قائداً للجيش سنة 1998، يُدرك "حزب الله" ومن يحالفه ومن يخاصمه حتى، أن "تعيير" سليمان كما غيره من أصحاب المواقف الإستقلالية، لا يعدو كونه فشّة خلق إعلامية شعبوية، تطال كلّ من أراد تغليب مصلحة لبنان على غيرها من المصالح حتى لو كانت ذاتية، ولو أراد الرئيس سليمان تغليب مصلحته الشخصية على حساب مصلحة لبنان، لغيّر خطابه وبعض المصطلحات وضمن لنفسه "وِدّ الممانعة" على حساب "لبننة الخيار". هذا الرئيس الذي يجب أن يُحاسب على كيفية ممارسته وليس على ظروف تعيينه، التي يعلمها الجميع.
وبما أن الشيء بالشيء يُذكر، لا بدّ من العودة بالذاكرة إلى أشهر مضت، لنُدرِك أن الكلمة الفصل في عدم وصول مُرشّح العماد عون لقيادة الجيش، كانت لحلفاء النظام السوري في لبنان. هؤلاء أنفسهم الذين هبّ نشاطهم التعييري للجنرال عون نفسه قبل أن يُصبح حليفهم، يوم دأبت ماكيناتهم على نعته بالحالة الإسرائيلية لحظة أراد "تكسير رأس الأسد"، فنال نصيبه من تخوين هؤلاء. ففي العام 1984 ما كان لرئيس أن يجرؤ على تعيين قائد جيش في لبنان، إلا بطلب مباشر من الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، الذي بارَك الإطاحة بالعماد الراحل ابراهيم طنوس، ليخلفه العماد ميشال عون رغماً عن إرادة كثيرين، كان أبرزهم أبو عمار، وليد جنبلاط ونبيه بري... وللبحث تتمة.
المستقبل - 27 كانون الاول 2013
إرسال تعليق